في سياق عسكري دولي متنامٍ، انطلقت يوم الإثنين 14 أبريل 2025 المرحلة الأولى من تمرين “الأسد الإفريقي 25” بتونس، أحد أبرز وأضخم المناورات التي تنظمها القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا (AFRICOM)، بمشاركة أكثر من 10 آلاف جندي يمثلون أكثر من 40 دولة، بينها المغرب وإسرائيل.
هذا التمرين متعدد الجنسيات، والذي ستتواصل مراحله لاحقاً في المغرب والسنغال وغانا، يُعد الأكبر من نوعه على مستوى القارة، ويُنتظر أن يحتضن المغرب جزءاً مهماً من التدريبات خلال شهر ماي المقبل.
مصادر إعلامية، من بينها صحيفة تايمز أوف إسرائيل، كشفت أن جنوداً إسرائيليين سيشاركون ميدانياً في المناورات فوق التراب المغربي، في استمرار واضح لنسق التعاون العسكري بين البلدين، الذي عرف تطوراً لافتاً منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب أواخر عام 2020، ضمن اتفاقات أبراهام التي رعتها الولايات المتحدة.
هذه المشاركة ليست الأولى من نوعها، لكنها تأتي هذه السنة في ظل توترات متصاعدة وتغيرات جيوسياسية غير مسبوقة في المنطقة.
التمرين يشهد أيضاً مشاركة سبع دول من أعضاء حلف شمال الأطلسي، إلى جانب دول إفريقية وازنة كنيجيريا وكينيا، ويقوده الجيش الأميركي ممثلاً في قوة العمليات في جنوب أوروبا وإفريقيا (SETAF-AF)، فالهدف الرئيسي هو رفع جاهزية الجيوش المشاركة، وتعزيز التنسيق في بيئات عملياتية معقدة، تغطي مجالات الأرض والجو والبحر والفضاء السيبراني.
الجنرال أندرو سي. غايني، القائد العام لـSETAF-AF، صرح أن “الأسد الإفريقي 25” يبرهن على قدرة الجيوش الحليفة على العمل المشترك في ظل تحديات أمنية معقدة ومتعددة الأبعاد.
في قلب هذه التحركات، تكتسب المشاركة الإسرائيلية بعداً خاصاً، خصوصاً في ظل احتضان المغرب لجزء من التمرينات، وهو ما يعكس تحولاً استراتيجياً في تحالفات المنطقة، وانخراطاً مغربياً واضحاً في منظومة التعاون الأمني الإقليمي والدولي.
كما يعكس هذا التمرين تزايد الحضور العسكري الغربي داخل إفريقيا، مقابل تراجع أدوار بعض القوى التقليدية، في وقت تبحث فيه الولايات المتحدة عن توسيع نفوذها ومواجهة التحديات المتعددة في الساحل وغرب القارة.
مناورات “الأسد الإفريقي” باتت أداة سياسية وعسكرية في آن واحد، تتجاوز بعدها التدريبي لتشكل رسالة واضحة حول الاصطفافات الجديدة داخل المنطقة.
مشاركة إسرائيل فيها، وضمن تراب مغربي، لا تنفصل عن السياق الجيوسياسي الأوسع، حيث تلعب الرباط أدواراً أكثر حضوراً في المعادلات الأمنية، ضمن رؤية شاملة تنظر إلى الأمن الإقليمي بوصفه امتداداً للاستقرار الوطني والمصالح الاستراتيجية بعيدة المدى.
