إصلاح أنظمة التقاعد ومكافحة الفقر: التحديات والحلول التي تتبناها الحكومة المغربية
في خطوة تهدف إلى معالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية العالقة، أعلنت الحكومة المغربية عن تقديم عرض أولي لإصلاح أنظمة التقاعد في بداية شهر يناير المقبل، مشيرة إلى أن هذا الإصلاح يعد من الأولويات التي تأخرت لفترة طويلة رغم الحاجة الملحة لها.
وقد عبرت نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، في جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس النواب عن أهمية إصلاح التقاعد كحلقة أساسية في تحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين المغاربة، في وقت تتزايد فيه التحديات المرتبطة بالفقر والتحولات الديمغرافية.
إصلاح أنظمة التقاعد: خطوة تأخرت ولكنها ضرورية
أوضحت الوزيرة أن أنظمة التقاعد المغربية تعاني من أزمة هيكلية تهدد استدامتها في المستقبل القريب، مشيرة الى إن الحكومة ستعرض بداية من يناير المقبل “عرضًا أوليًا” بشأن الإصلاح، ليشمل تحسين الحكامة ودمج القطاعات العام و الخاص في النظام التقاعدي.
وأكدت العلوي أن هذه الإصلاحات كانت مقررة منذ سنوات، ولكنها تأخرت لعدة أسباب.
وفي الوقت الذي تعيش فيه صناديق التقاعد أزمة متفاقمة، يرى العديد من النواب أن التحولات الديمغرافية مثل زيادة عدد المتقاعدين مقابل انخفاض عدد المساهمين تساهم في تفاقم هذه الأزمة.
وأضافوا أن ملايين المواطنين المسنين لا يستفيدون من أي نظام تقاعدي، ما يعكس الخلل الواضح في تفعيل سياسات دعم الفئات الهشة.
الفقر في المغرب: تحديات جديدة تتطلب حلولًا مستدامة
من جهة أخرى، كشفت الوزيرة في نفس الجلسة عن ارتفاع نسبة الفقر في المغرب التي بلغت 3.9%، وفقًا للمعطيات الأخيرة من المندوبية السامية للتخطيط.
وأوضحت أن الأزمات الاقتصادية المتتالية، مثل ارتفاع أسعار المواد الأساسية والركود الاقتصادي، أثرت بشكل كبير على القدرة الشرائية للعديد من الأسر، خاصة في المناطق القروية التي تشهد نسبًا مرتفعة من البطالة.
وبالرغم من تلك التحديات، أكدت نادية فتاح أن الحكومة تواصل العمل على دعم الفئات الهشة، إذ خصصت أكثر من 105 مليارات درهم بين 2022 و2025 لدعم المواد الأساسية، بالإضافة إلى برامج الدعم الاجتماعي المباشر، مثل دعم الكهرباء، وغيرها من الإجراءات التي تهدف إلى التخفيف من تداعيات التضخم.
دمج صناديق التقاعد: خطوة نحو تحسين الخدمات
أحد المحاور الأساسية التي تناولتها الوزيرة كان دمج صندوقي التقاعد للمؤمنين الاجتماعيين في القطاع العام والقطاع الخاص.
هذا الدمج، حسب تصريحات الوزيرة، سيؤدي إلى تحسين الحكامة وتقليص آجال صرف المستحقات للمؤمنين، كما سجلت الحكومة تحسنًا ملحوظًا في الوفاء بالآجال القانونية لاسترجاع الأموال، حيث انخفضت هذه المدة من 57 يومًا في عام 2022 إلى 54 يومًا في عام 2023.
هذا التحسن النسبي في الآجال القانونية يشير إلى خطوات حقيقية في تحسين فعالية النظام، لكن تبقى هناك تحديات كبيرة تتعلق بالتمويل واستدامة النظام في مواجهة الاحتياجات المتزايدة للمواطنين.
التحديات المستقبلية: الإصلاحات الجذرية في أفق 2025
إن إصلاح أنظمة التقاعد في المغرب يتطلب إرادة سياسية قوية وتنفيذًا دقيقًا لمواجهة الأزمات المتراكمة.
ورغم أن الحكومة تؤكد التزامها بإصلاح هذه الأنظمة من خلال تقديم عرض أولي في يناير المقبل، إلا أن تطبيق هذه الإصلاحات بشكل فعّال يحتاج إلى حوار اجتماعي بناء، كما أشارت الوزيرة، حيث سيكون من الضروري التعاون بين جميع الأطراف المعنية لتحقيق نتائج ملموسة.