في وقت يشهد فيه العالم تصاعدًا في النزاعات العسكرية، يأتي التهديد الروسي المستمر في أوكرانيا ليؤثر بشكل مباشر على الأمن الأوروبي، الأمر الذي دفع السويد إلى اتخاذ إجراءات احترازية غير مسبوقة.
في هذا الصدد، أصدرت يوم أمس الاثنين، الحكومة السويدية دليلًا جديدًا لمواطنيها، يهدف إلى تزويدهم بالتوجيهات العملية والنفسية للتعامل مع مواقف الطوارئ والحروب.
الدليل هو تجديد لإصدار سابق تم توزيعه على المواطنين السويديين، ويعكس الاستعداد المستمر للدولة للتعامل مع أي تهديدات قد تطرأ على أمنها القومي.
تحضير المواطن السويدي للاحتمالات المستقبلية
منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير 2022، كانت السويد في حالة تأهب دائم، حيث حثت الحكومة مواطنيها على الاستعداد لأي سيناريو طارئ قد يترتب على النزاع الدائر في شرق أوروبا، فبالنظر إلى موقعها الجغرافي القريب من روسيا، فإن السويد ترى في تصاعد الحرب تهديدًا محتملاً للأمن الإقليمي، مما يجعل الاستعداد لمواجهة أي أزمة أمرًا ذا أولوية.
السويد، التي لم تشهد حربًا على أراضيها منذ قرون، دأبت على تحفيز سكانها على التفكير في كيفية مواجهة الأزمات، سواء كانت حروبًا مباشرة أو كوارث طبيعية أو حتى هجمات إلكترونية.
مع تصاعد الحروب في أوروبا، قررت الحكومة السويدية إرسال خمسة ملايين كتيب يحمل اسم “Om krisen eller kriget kommer” (في حالة الأزمات أو الحرب)، وهو دليل إرشادي مُفصل يهدف إلى تعليم المواطنين كيفية التصرف في الحالات الطارئة.
التأهب النفسي واللوجستي
يحتوي الدليل السويدي على مجموعة من النصائح العملية التي تركز على استعدادات المواطنين لمواجهة الأزمات المحتملة، من أبرز التوجيهات التي يقدمها، ضرورة تحضير “مجموعة بقاء” تحتوي على مستلزمات أساسية مثل الطعام والماء ووسائل الطهي والإضاءة.
وتحث الوكالة السويدية للطوارئ (MSB) المواطنين على تخزين الماء في زجاجات بلاستيكية ووضعها في الفريزر للاستفادة منها كمكعبات ثلج في حال انقطاع الكهرباء، ما يعكس اهتمام السويد بتأمين احتياجات المواطنين الأساسية في ظل الظروف الطارئة.
أما في ما يخص الغارات الجوية أو الهجمات العسكرية، فالدليل يقدم إرشادات عملية للجوء إلى ملجأ الحماية المدنية، ويستعرض الطرق البدائية مثل الاستلقاء في الخندق للابتعاد عن الخطر، وصولًا إلى الإجراءات الأكثر تقدمًا للحماية.
ورغم هذه الجوانب اللوجستية، لم يغفل الكتيب أيضًا عن أهمية الاستعداد النفسي، حيث ركز على ضرورة دعم الصحة العقلية للمواطنين في أوقات الأزمة.
التعامل مع الصحة العقلية في زمن الحرب
من أبرز ما يميز هذا الدليل هو التركيز على التأثيرات النفسية التي قد تترتب على المواطنين في أوقات الأزمات، في هذا الصدد أدرج الكتيب توصيات تتعلق بالصحة العقلية، بما في ذلك تشجيع الأفراد على التحدث عن مشاعرهم مع الأصدقاء أو العائلة أو حتى اللجوء إلى الدعم النفسي المتخصص.
وبالنسبة للعائلات التي قد تجد نفسها في مواجهة صعوبات نفسية إضافية جراء الحرب أو الكوارث، تضمن الدليل نصائح للآباء والأمهات حول كيفية إدارة الحديث مع الأطفال.
يشدد الدليل على ضرورة الشرح الواضح للأطفال حول الوضع، مع تجنب إعطائهم تفاصيل غير مناسبة لأعمارهم، كما يقترح على الآباء وضع أنشطة ترفيهية للأطفال للحد من القلق وتعزيز استقرارهم النفسي.
السويد: التحضير لمستقبل غير مؤكد
إصدار هذا الدليل في هذا التوقيت الحساس يأتي ليعكس مدى الجدية التي تتعامل بها السويد مع التهديدات التي قد تواجهها في المستقبل، فرغم أن السويد لم تكن طرفًا مباشرًا في النزاع الروسي الأوكراني، إلا أن الدولة تدرك تمامًا أن تصاعد التوترات في المنطقة قد يكون له تأثير مباشر على الأمن القومي.
وفي وقت تتسارع فيه الأحداث على الجبهة الأوكرانية، تواصل السويد جهودها لتعزيز مستوى التأهب لدى مواطنيها.
خطوة إعادة إصدار الدليل ليست مجرد إجراء تحضيري، بل هي تأكيد على أن الحكومة السويدية تضع الأمان الوطني والعقلية الجماعية في قلب استراتيجيتها المستقبلية.