في خطوة حل اجتماعي غير مسبوق، تكرم جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، بإصدار قرار عفو شمل المزارعين المدانين بتهمة زراعة القنب الهندي، في استمرار للجهود التي يبذلها المغرب تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك لتحقيق التنمية المستدامة وتكريس حقوق الإنسان، ويندرج في إطار الدينامية الجديدة التي تنهجها المملكة، والرامية إلى تحقيق تنمية شاملة وعادلة ومشروعة على المستويين الجهوي والوطني.
ويأتي هذا القرار تعزيزا للدور الريادي والاستراتيجي الذي تضطلع به المملكة في مجال التعاون الدولي لمكافحة شبكات التهريب الدولي للمخدرات، عبر حماية مزارعي نبتة القنب الهندي من الوقوع في براثن هذه الشبكات، والحد من الانعكاسات السلبية لانتشار الزراعات غير المشروعة على الصعيدين الوطني والدولي وقطع الطريق أمام المهربين مع التشديد على استمرار المغرب في التضييق على أباطرة المخدرات الذين يستغلون خوفهم وهشاشة الوضعية الاقتصادية لعائلاتهم.
إذ تمنح هذه البادرة الملكية الأمل لمئات الأسر التي عانت من تبعات قانونية واقتصادية قاسية، حيث ستمكن من إتاحة الفرصة لإعادة دمج هؤلاء المزارعين في النشاط الاقتصادي بما يساهم في تنشيط الاقتصاد المحلي وتحسين دخل الأفراد، فدعم المزارعين في العودة إلى الحياة الاقتصادية بشكل صحي ومستدام يعزز من استقرار المجتمع المحلي ويقلل من الاعتماد على الأنشطة غير القانونية من خلال تشجيع الأنشطة القانونية والمشروعة.
هذا النهج المتفرد يأتي لاستكمال التحولات التي شهدها المغرب خلال السنوات الماضية والتي تصب جميعها في اتجاه الاستقرار الداخلي والتنمية المستدامة وهو ما سيعزز مكانة المغرب على الصعيد الدولي بوصفه رائدا في انتهاج الخطى المبتكرة لتعزيز التجربة المغربية في كافة الميادين وبناء وطن متسع لجميع أفراده.
وفي هذا السياق، وجبت الإشارة إلى أن هذا العفو يأتي في سياق الآثار الإيجابية التي خلفها العفو الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش المجيد، والذي كان قد استفاد منه 2476 شخصا، من بينهم صحفيون ومدونون مدانون في قضايا الحق العام، ومستفيدون من برنامج مصالحة لمواجهة الخطاب المتشدد داخل السجون.
وتبرهن هذه المبادرات الملكية المتواترة كيف أن العفو السامي هو عبارة عن آلية واحدة ومتكاملة، تستمد مرجعيتها من القيم الكامنة في كل مناسبة وطنية، وتنهل غاياتها ومقاصدها من الروح الإنسانية لجلالة الملك، التي تأخذ بعدا تقديريا ينأى بنفسه عن كل الظروف والاعتبارات السياسية الداخلية والخارجية.
وعلى غرار العفو الملكي بمناسبة عيد العرش المجيد، فقد رفع العفو الملكي الصادر في ذكرى ثورة الملك والشعب سقف التطلعات عاليا، وفاجأ الجميع بمعالجته لوضعيات اجتماعية صعبة لفئات عريضة من صغار المزارعين، بشكل يسمح لهم بمعاودة الاندماج في محيطهم الاجتماعي، والانخراط في أنشطة مشروعة منتجة للدخل بما لا يتعارض مع القوانين والتشريعات الوطنية.