بعد مرور شهرين على الحرب، اعتبر محلل عسكري إسرائيلي، الجمعة، أن تل أبيب لم تحقق بقطاع غزة اختراقا أو انتصارا استراتيجيا بعد، معتبرًا أن ذلك الانتصار يمكن أن يتمثل بالقضاء على قادة “حماس” للضغط لاستعادة الرهائن بالقطاع.
يأتي ذلك مع تصاعد حدة الغارات الإسرائيلية واتّساع نطاق العمليات البرية شمال وجنوب قطاع غزة، لا سيما عند محور شرق وشمال مدينة خان يونس (جنوب)، بعد انتهاء الهدنة المؤقتة مطلع ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
وكتب المحلل العسكري بصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية يوسي يهوشع: “يمكن تلخيص القتال في غزة في جملة واحدة: حتى الآن تم تحقيق آلاف الانتصارات التكتيكية على حماس، ولم يتم تحقيق أي انتصار استراتيجي”، وفق رأيه.
وبحسب تقييمه “كانت مناورة الافتتاح ناجحة رغم التخويف بشأن قدرات الجيش البري، ووصل الجيش إلى مستشفى الشفاء، وهو المكان الذي اعتقد قليلون أن القوات ستدخل بواباته”، رغم أن الوقائع لم تظهر أي دليل مقنع، وفق مراقبين دوليين، يثبت ادعاءات إسرائيل بوجود مركز لـ”حماس” أسفل المستشفى.
ورأى يهوشع أنه “تم الاستيلاء على مدينة غزة، ورغم وقف إطلاق النار عاد الجيش الإسرائيلي إلى القتال بقوة، والآن يركز على 3 جهود: في الشجاعية وجباليا وخان يونس، حيث تعمل الفرقة 98”.
وزعم أن “القتال هناك صعب ولكنه يتقدم”، مضيفًا أن مقاتلي “حماس يستعدّون منذ سنوات عديدة” لدخول الجيش الإسرائيلي، في تبرير منه لصعوبة المعركة.
وبرّر يهوشع خسائر الجيش الإسرائيلي البشرية بالقول: “هناك قتلى وجرحى، لكن في مواجهة التحدي، من الصعب رؤية جيش آخر في العالم كان سيحقق نتائج أفضل في الحرب البرية وخاصة الحرب تحت الأرض”.
لكنه استدرك بأنه “لا يزال من المهم أن نقول: إسرائيل لم تحقق الاختراق (داخل حماس على مستوى قياداتها)”.
واعتبر أنه “كان من الممكن القضاء على يحيى السنوار (قائد حماس في غزة) أو محمد ضيف (قائد كتائب القسام) أو مروان عيسى (نائب قائد كتائب القسام)، وهو ما لم يحدث بعد”.
وأضاف: “هذه المهمة منوطة بالأساس بجهاز الأمن العام – الشاباك، وحتى تأتي الفرصة، على الجيش الإسرائيلي أن يحقق نقطة الانهيار في معركة خانيونس (جنوب)”.
وبحسب يهوشع فإن “مثل هذا الضغط وحده هو الذي يمكن أن يدفع حماس إلى صفقة أخرى لإطلاق سراح المختطفين”، أي الأسرى الإسرائيليين في غزة.
إلا أنه لفت إلى صعوبة تكمن في المعارك المقبلة، حيث قال إن “التحدي في خانيونس هو إخضاع العدو دون الإضرار بالرهائن”، علما أنه وفق بيانات لـ”حماس” آخرها الجمعة، فإن عمليات القوات الإسرائيلية أدت عدة مرات لمقتل أو التسبب بوفاة أسرى إسرائيليين في غزة.
وأضاف يهوشع: “هذا يعني أيامًا وليالٍ مرهقة لأعصاب أهالي المختطفين وأهالي الجنود والجمهور بأكمله، الذي يخوض حربًا حية منذ شهرين، الأمر الذي يسبب أيضًا خسائر اقتصادية وصعبة ومحزنة للغاية”.
وحتى عصر الجمعة، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 420 من أفراده منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بينهم نحو 20 أُعلن رسميا مصرعهم في معارك برية بغزة، خلال الـ72 ساعة الماضية.
ومنذ 7 أكتوبر يشن الجيش الإسرائيلي بضوء أخضر أمريكي، حربا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى الخميس 17 ألفا و177 شهيدا و46 ألف جريح معظمهم من الأطفال والنساء، ودمارا هائلا بالبنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.