حل وفد يمثل شرفاء قبائل الصحراء المغربية، أمس السبت، بضريح الولي الصالح مولاي عبد السلام بن مشيش، الواقع بجبل العلم بإقليم العرائش، في زيارة تجسد الصلات الروحية والوحدة الوطنية بين شمال المملكة وجنوبها.
ويشكل موسم الولي الصالح مولاي عبد السلام بن مشيش فرصة لتعزيز وتقوية أواصر صلة الرحم مع الشرفاء العلميين وأبناء عمومتهم من أقاليم الصحراء، ممثلين عن شيوخ القبائل وعلماء وأعيان ومحبين ومنتسبين للمشيشية الشاذلية الذين تربطهم بمقام مولاي عبد السلام بن مشيش روابط النسب الطيني والروحي لآل البيت، وهي الميزة الحسنة التي تميز تاريخ المغرب منذ عهد التأسيس، وتقوت عبر جميع حقب الملوك العلويين.
ويخلد الشرفاء العلميون وأتباع المشيشية الشاذلية برنامج صلة الرحم مع أبناء عمومتهم لوفد أقاليم الصحراء، هذه السنة تحت شعار “المشيشية الشاذلية تلاحم الوطن وتراحم الخلائق”، حيث يقام الموسم عادة في فاتح يوليوز، لكن تزامنه هذه السنة مع الاحتفاء بأيام عيد الأضحى المبارك، صعب على وفد أقاليم الجنوب الانتقال إلى ضريح القطب وفقا للعرف المعمول به منذ عهد تأسيس الموسم، حيث تم تأجيل الزيارة إلى اليوم السبت.
وفي هذا السياق، أكد الشريف السيد نبيل بركة “أن الحفاظ على مواسم القطب مولاي عبد السلام الذي دأب على إحيائها الشرفاء العلميون منذ سنين طوال والتي لها جذور في التاريخ، تندرج في إطار التوجيهات السامية لمولانا أمير المؤمنين من أجل صون الإرث الروحي والعمل على إشعاع نورانيته لتمتد إلى العالمين أجمع”، “معتبرا أن هذا الارتباط هو روحي ينبع من جذور الصحراويين التي تنحدر من هذا القطب الرباني.
ويحج وفد الأقاليم الجنوبية كل موسم لزيارة ضريح جدهم سيرا على السنة الحميدة التي أحدثت أول مرة في عهد الحماية من تنظيم عميد الشرفاء العلميين الحاج المجاهد محمد بركة، تحت الرضا والعطف المولوي السامي، حيث ترمز في قدسيتها إلى تأكيد التشبث بالوحدة الروحية والوطنية من الشمال إلى الجنوب.
كما تجسد هذه الزيارة تشبث والتزام الشرفاء، في الشمال كما أبناء عمومتهم في الأقاليم الجنوبية وفي كل ربوة من ربى المغرب، بالبيعة الشرعية للعرش العلوي المجيد، وتاريخ علمائهم وصلحائهم يشهد على الاعتزاز بالانتماء للمملكة المغربية، وتحمل ما يترتب عن شرف الانتماء هذا من مسؤوليات، أبرزها تخليق الإنسان بأخلاق الصالحين وتربيته على خدمة وطنه والعمل الجاد من أجل تنميته ورقيه وخدمة قضية الوطن الأولى كل من موقعه وانتمائه.
وقال حسن الركيبي الإدريسي، أحد شيوخ القبائل الصحراوية المغربية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ولقناتها الإخبارية M24، “جئت ضمن وفد من الشرفاء قادم من العيون الساقية الحمراء، والذي دأب على هذه الزيارة سنويا، لصلة الرحم مع إخواننا في شمال المملكة من الشرفاء العلميين وباقي الشرفاء الذين تربطنا بهم علاقة الدم والنسب والتاريخ”.
واعتبر أن لزيارة أحفاد مولاي عبد السلام بن مشيش “أبعاد ثقافية ودينية وسياسية، ونحن نبرهن من خلالها للعالم على أن امتدادنا يعود إلى مولاي عبد السلام بن مشيش، ومنه إلى مولاي إدريس”، مشددا على أن “أجدادنا في المغرب ،والمغرب هو امتداد أهل الصحراء”.
من جهته، أكد مصطفى بوحلا البورحيمي، أحد أعيان وشيوخ القبائل الصحراوية، أننا “اليوم في فعاليات الموسم الديني للقطب الصالح الرباني مولاي عبد السلام بن مشيش، وجئنا ضمن الوفد الصحراوي الذي يمثل القبائل الجنوبية لتجسيد الروح والوحدة الوطنيتين التي تجمعنا بإخواننا في المغرب وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وللتأكيد على آصرة المحبة والمودة التي تجمع الشرفاء بإخوانهم وأبناء عمومتهم الشرفاء العلميين”.
من جهته، أبرز الباحث في التاريخ والتصوف، عمر حاجي، أن ندوة “المشيشية الشاذلية تلاحم الوطن وتراحم الخلائق” ، التي جرت بمشاركة ثلة من الباحثين، شكلت مناسبة للبحث في نسب وشرف وتاريخ الأقاليم الجنوبية المرتبط بشكل وثيق بشمال المملكة، والبحث في تجليات الهوية المغربية، المطبوعة بالقيم السمحة النابعة من تربية الأولياء والصالحين، والمتمسكين بالوحدة الوطنية والروحية.