ONCF 970 x 250 VA

ديمقراطية إسرائيل لا ترحم المخالفين

0

بقلم :الحسن الجيت

القانون عندهم سيد من يحيى وسيد من يموت. ومن يخالفه من أبناء جلدتهم يسلط عليه سيف القضاء. فلا أحد في مأمن ولا أحد ينصب نفسه فوق القانون  مهماكان وزنه الاعتباري أو السياسي. كل من ثبت في حقه من المسؤولين الإسرائيليين خروقات وتجاوزات إلا ويتم التصدي له على جميع المستويات الإعلامية والسياسية والقضائية ليأخذ منه القصاص مأخذا كبيرا. السلطة الرابعة عندهم لا حدود لها وليست لها كوابح من أجل الوصول إلى الحقيقة. وهذه ميزة الأنظمة الديمقراطية ولعل دولة إسرائيل واحدة من هذه المنظومة.

هذه الحقائق لم نقرأها في كتاب ولا نقلا عن وسيلة من وسائل الإعلام كي نبني حكما على وهم أو على تضليل، بل عشناها عن كثب طوال ما يقارب من ست سنوات إبان تواجدنا في إسرائيل. فضائح بالجملة وأحكام قاسية لعلك ترضى ولا رحمة ولا شفقة ولا محاباة  وويل لمن تلاحقه المتابعة. ولا مجال أمام “إرحمني يا أمي”.

الملاحقة التي تطارد اليوم رئيس مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط يجب على من هو جاهل أن يتدارك جهله وأن يعلم بأن ما يحدث للدبلوماسي الإسرائيليهو تحريك للمساطر القانونية في حق المخالف على غرار ما ألفناه من مشهد ديمقراطي في دولة إسرائيل. فليست هي المرة الأولى التي يطال فيها القانون كبار المسولين. رئيس هيئة الأركان الأسبق إسحاق موردخاي ووزير الدفاع الأسبق موشي قصاب ورئيس الوزراء الأسبق  إيهود أولمرت جميعهم اتهموا بالتحرش الجنسي مع موظفات في سكرتاريتهم وكان نصيبهم من دون استثناء حبسهم وسجنهم وحرمانهم من العودة إلى الحياة السياسية. ولم يرحموا كذلك رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو في ما هو دون التحرش الجنسي بعد أن فضحه الإعلام الإسرائيلي بجريرة قامت بها زوجته حينما سرقت هدية ثمينة من رئاسة الحكومة كان قد تقاها زوجها بصفته آنذاك رئيسا للوزراء. فأجبر بعد تلك الفضيحة على إعادتها لتبقى ملكا للدولة. كما لم تسلم زوجة إسحاق رابين هي الأخرى مما قيل عنها بفضيحة فتح حساب بنكي في الخارج رصيده بضع دولارات معدودة. وقد سارعت إلى إغلاق ذلك الحساب وزوجها كان في حينه رئيسا للحكومة.

وحينما يفتح ملف جديد ضد ديفيد غوفرين للتحقيق معه في الاتهامات المنسوبة إليه وهو يزاول مهامه كرئيس للبعثة، فهي اتهامات تتعلق بسلوكه الشخصي ولا علاقة لها بأي نشاط قد يكون مناوئا للمغرب أو يمس بأمنه أو استقراره. ولا يجب أن نستغرب هذا السلوك، بالرغم من أنه سلوك مدان، كما لا يجب أن نعطيه تكييفا سياسيا أو أمنيا كما يحاول البعض أن يوهم به الرأي العام المغربي انطلاقا من تحاملهم أصلا على التمثيل الدبلوماسي الإسرائيلي في المغرب. ما قام به “غوفرين” هو تصرف شخصي وإن ثبت يجب معاقبته ودولته كانت سباقة إلى فتح تحقيق معه. وليس لها عقدة نقص فهي التي سارع إعلامها إلى إشاعة الخبر وتم تعيين لجنة للتحقيق زارت المغرب في واضحة النهار علم بقدومها القاصي والداني. ولولا هذه الشفافية لما كان هناك علم عند المنافقين الذين ينصبون أنفسهم بالمناهضين للتطبيع وخرجوا البارحة على قلتهم يطالبون بإيقاف العلاقة مع إسرائيل. وإن كانوا لا يعلمون ما هو في علم اليقين فالعلاقة بين المغرب وإسرائيل لا تقوم على الاعتبارات الشخصية أو على سلوك أرعن وطائش لشخص يعينه، بل هي علاقات أقل ما يقال فيها أنها علاقات استراتيجية تدخل في دائرة تموقع إقليمي ودولي وضمن حسابات سياسية تخدم مصالح المغرب أولا وأخيرا ولا تضر بمصالح غيره.

ومن جملة ما يدعيه حاملو الشعارات المغلوطة أن ما قام به رئيس البعثة الإسرائيلية هو إهانة للمغاربة ومساس بكرامتهم وأن البعثة تحولت إلى وكر للدعارة. هذا قولهم في نازلة “غوفرين” وكأن الكرامة قد حصروها في ذلك التحرش. ولكن بموازاة تلك الخرجة المعزولة والمحتشمة نسوا أو تناسوا أن يستحضروا  ما تعرضت إليه كرامة المنتخب المغربي للناشئين في الجزائر أم أن الأمر يتعلق بنظام يدينون له بالولاء ليرفعوا عنه العتاب. همهمليس نكاية لا في إسرائيل ولا في خدمة القضية الفلسطينية بل مخططهم هو مناوئة المغرب ومعاكسة مصالحه وكل ما من شأنه أن يعزز مكانته في بيئة مناوئة وانتم حلقة من حلقات الهدم من داخل الوطن.

وإن كان التحرش الجنسي بالفعل مستفز ومثير لكم كما تزعمون، فلا بأس أن نذكر بعضا منكم بسلوكيات الرفيقات والأخوات كنتم تناضلون معهم في النهار وتناضلون فيهم بالليل باسم “الرفيقة” أو باسم “اختنا في الله” . ألم يكن ذلك فسادا أيها المفسدون. هل نحن بحاجة لكي نذكركم أن من بينكم من باع قريبته لإعلامي شهير في قناة “الجزيرة” لشرعنة الدعارة باسم الزواج العرفي. هل ما أقدم عليه صاحبكم لا يندرج في المتاجرة بكرامة المغاربة أم أن لديكم وجهة نظر أخرى يعلمها الشعب المغربي علم اليقين. وليس المهم أن نقف عند ما هو عارض كما هو الحال عند غوفرين ، ومن كان يراهن عليه فغوفرين قد مات، ومن يراهن على المؤسسات لبناء الدولة فهي حية لا تموت. وهذا هو الخيار الاستراتيجي للمغرب أما الباقي فهو جزئيات من تفصيل غير مرئي ولا يعتد به.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.