قراءة في تغيير المدير العام للمخابرات الخارجية بالجارة الشرقية،
بقلم الدكتور : محمد الخمسي استاذ التعليم العالي بجامعة سيدي محمد بن عبدالله
عملية تنصيب اللواء مهنى جبار مديرا عاما للوثائق والأمن الخارجي خلفا للواء عبد الغني راشدي ، رغم الاختباء و راء جملة أن سبب ذلك يعود للوضع الصحي لراشدي تفرض ثلاثة استنتاجات:
الاستنتاج الاول
و يتعلق بمن اشرف على هذا التعيين ، في منصب حساس لدى كل الدول ، إنه الفريق أول السعيد شنقريحة، اي الرئيس الفعلي للجزائر ، وإن غلف ذلك باسم رئيس الجمهورية، فلا يزال المشاهد في العالم يتذكر يوم قدم عبدالمجيد تبون التحية للفريق، فقد كانت تلك اللحظة كاشفة عن الترتيب الحقيقي للمناصب، فالمؤسسة العسكرية هي من يحكم ولكن ببدلة مدنية.
الاستنتاج الثاني
هو ان جبار مهنى، من قبائل تيزي وزو ، الذين ينتمي كثير من قادتهم ونخبهم الى المعارضة في اوربا ، نظرا لما تعرفه هذه المنطقة من تهميش ، و اختيار ضابط المخابرات الخارجية من هذه المنطقة رسالة سياسية ، وامنية لكل صوت يطالب بجرعة من الحرية و الديمقراطية ، خاصة إذا كان محسوبا على منطقة القبايل ، انه استمرار لمدرسة الفريق محمد مدين، المعروف بالجنرال توفيق، مدير المخابرات العامة لمدة ربع قرن و من مهندسي العشرية السوداء.
الاستنتاج الثالث
وهنا مربط الفرس ، ان التعيين الجديد القديم هو نوع من الانتقام من الفريق أحمد قايد صالح ، إذ لا ننسى أن جبار مهنى قد زُج به في السجن قبل ذلك بنحو عامين في عهد قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح ، وبتهم ثقيلة قبل تبرئته والإفراج عنه اي تبيض سيرته. و بالتالي فمن مهامه اخراج الملفات المتعلّقة بحركتي “رشاد” و”الماك” (استقلال منطقة القبائل) اللتين صنفهما المجلس الأعلى الجزائري للأمن مؤخرا كحركتين إرهابيتين في الجزائر ، الى الواجهة و الاشتغال عليهما في تعبئة الراي العام الجزائري.
التغيرات في زمن قصير هو كاشف لتجليات الصراع،
لقد تعودت المؤسسة العسكرية في اطار الصراع على المواقع و المصالح ان يزج بعضها البعض في السجون ، ثم إعادة التدوير في المناصب، لقد تعود المواطن الجزائري ان ينتقل بعض قادة العسكر من التهم الثقيلة الى البراءة ، ذلك ان سيناريوهات الغلبة و التموقع و الولاءات هي التي تحدد النتائج ، وان ظهر ان الامر كنتيجة تحقيق قضائي ، فالمحكمة العسكرية التي تتهم اليوم تفرج غدا ، انها اي هذه المحاكم العسكرية مجرد امتداد للصراع على الكراسي ، و التحالفات و الملفات والضرورات التي تحكم منطق دولة العسكر. فالمواطن الجزائري لا ينسى ان جهاز المخابرات الخارجية الجزائرية عرف خمس تغييرات في السنوات الأخيرة، وفي كل مرة تظهر تهم خطيرة من مثل التخابر، ترويج منشورات من شأنها تقويض الأمن القومي، وتلقي مزايا غير مستحقة والثراء غير المشروع ، واعتماد الصمت أو غياب أي نفي رسمي للموقع للجزائري، في كل حادثة او تغيير يجعل المواطن بين التصديق والتكذيب اي المنطقة الرمادية ، غير ان المؤكد من كل هذا هو العودة إلى البحث عن شراء المواقف ضد الوحدة الترابية للمغرب، واختراق الجوار بشكل كبير لتونس مع تعقب المعارضين في الخارج.
ومهما كان من قوة هذا الجهاز فقد فشل اخيرا في اربع ملفات:
* اكتشاف كندا لشبكة تتجسس و تستهدف المعارضين الجزائريين على أراضيها.
* اكتشاف المغرب لفضيحة بن بطوش / غالي التي جعلت هذا الجهاز يشك في بعضه البعض
* نجاح المغرب واسبانيا في بناء جسور الثقة بين الرباط ومدريد وكسب المغرب لرهان دعم إسبانيا لخطة الحكم الذاتي للصحراء التي اقترحها المغرب، حيث ان هذا الجهاز دخل في غيبوبة من شدة ووقع هذا الحدث،
* من الاكيد ان هذا الجهاز يبحث اليوم على المساهمة في انجاح قمة عربية التي بدد عسكر الجزائر منسوب الثقة بين مؤسسي الجامعة العربية، وما وقع من ابتزاز لتونس و استسلام قيس سعيد هو أحد الثمار المرة لجهاز عناوينه كبيرة ونتائجه هزيلة.