ONCF 970 x 250 VA

أينكم من التطبيع التركي؟

0

بقلم : لحسن الجيت                              

سؤال أطرحه على أولئك الذين يسمون أنفسهم بمناهضي التطبيع دفاعا عن القضية الفلسطينية، كما يزعمون. فتشت عنهم هذه الأيام في شوارع الرباط فلم أجد لهم أثرا ولعلي أنني أكون قد أخطأت العنوان فذهبت أفتش عنهم كذلك أمام السفارة التركية لعلهم هنالك فكان “حسهم” مقطوعا بالمرة. أين اختفت الجماعة ؟ وتساءلت مع نفسي أليس في علمهم أن تركيا أردوغان أعادت علاقاتها الدبلوماسية كاملة أي على مستوى السفراء مع دولة إسرائيل. لكن إذا لم يكن لديهم علم فأنا شخصيا أزف هذا الخبر إلى كل من عبدالرحمن بنعمر وأحمد ويحمان وخالد السفياني عن جماعة القومجيين، وإلى زعيم حزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران ورجال جماعته الذين دخلوا جحورهم ونزل عليهم الطير ولا أحد منهم لم يعد يعرف على أي قدم يريد أن يرقص.

1 ـ بالنسبة للزمرة الأولى من القومجيين لا يحلو لهم التشويش في شوارع العاصمة بخرجات باهتة ومعزولة إلا إذا تعلق الأمر بمضي المغرب بخطوات ثابتة في بناء علاقات وطيدة مع دولة إسرائيل وكأن التطبيع الذي يحرزه المغرب هو الذي ينبغي التصدي له من منظور هذه الجماعة. أما ما تقوم به أنقرة في علاقتها مع تل أبيب قد لا يضير الأمر في شيء ولا يرون فيه لا تطبيعا ولا هو قد يشكل خطرا على القضية التي يتخذونها كأصل تجاري. سماسرة القضية الفلسطينية أصبحوا مكشوفين عند المغاربة وبات واضحا أن مواقفهم ليس من باب الدفاع عن القضية بقدر ما يتخذونها أولا وسيلة للارتزاق، وثانيا لمناهضة المغرب وضرب مصالحه خدمة لأجندة خارجية.

وفي هذا الصدد، لايسعني إلا أن أذكر المدعو ويحمان أنه في شهر فبراير من عام 2021 تم تأسيس “الهيئة العليا لتنسيقية مناهضة الصهيونية ومقاومة التطبيع” بمدينة إسطمبول على مقربة من القصر الرئاسي لأردوغان. وتقرر يومها النفخ في نرجسية ويحمان ليتم انتخابه بالإجماع منسقا عاما لتلك الهيئة. واليوم نسائل السيد المنسق العام ما موقفك حاليا من القرار الذي اتخذه ولي أمركم بإعادة العلاقات الدبلوماسية إلى سابق عهدها كاملة مكتملة و”على عينيك يا بنعديّ”. أوليس التوقيت الذي يحصل فيه كل ذلك ليس مستفزا لكم، نعم قد جاء ذلك في حمأة تبادل النيران ما بين الجهاد الإسلامي والجيش الإسرائيلي أي في فترة ما تسمونه بالعدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني الأعزل والذي وجدتم فيه فرصة للاحتجاج في عاصمة المملكة . فهل تطبيع أنقرة فيه رحمة للفلسطينيين ووجب عليكم ألا تناهضوه ولا تناهضوا إلا ما يقوم به المغرب . ورقة التوت سقطت عن عوراتكم، فهل من ساتر ؟

2 ـ أما بالنسبة لزعيم حزب العدالة والتنمية السيد عبد الإله بنكيران فقد عجز عن الكلام وهو الثرثار الذي لا يحب أبدا الاختصار إلا إذا اشتد عليه الهول من قبيل ما صنعه شقيقه حزب العدالة والتنمية التركي . بنكيران لاعب ماهر على الحبال ويتقن فن السيرك ويبدل بين لحظة وأخرى قناعا بآخر حسب الظروف والأهواء. فعادته أن يقول الشيء ونقيضه ليفسد السياسة أكثر مما هي عليه من فساد. فالرجل لا يرف له جفن ولا يستحيي من أنه يناقض القول بالقول. فبالأمس أزبد وأرغد ليطلق العنان للسانه في انتقاد بلاغ وزارة الخارجية لأنها لم تدن القصف الإسرائيلي على غزة، لكنه أمام الحالة التركية التي يدبر أمرها حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان لم ينبس ببنت شفة وكأن العلم التركي لا يرفرف في سماء تل أبيب بمحاذاة كورنيشها الجميل ، ولا العلم الإسرائيلي في سماء أنقرة. ولعل ما يجهله السيد بنكيران أو أصابه الحول لكي لا يرى ما يحصل بين البلدين من تعاون يشمل مختلف المجالات بما فيها إبرام اتفاقيات عسكرية تسمح لسلاح الجو الإسرائيلي بإقامة تداريب عسكرية في الأجواء التركية الفسيحة. إنها عمليات تسخين يا أولي الألباب.

ولأشباه الرجال عند الجماعتين، أقول لهم إن أردوغان الذي يرتل القرآن ترتيلا بخشوع تقشعر له الأبدان، ها هو اليوم يعيد العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع إسرائيل وهو محق في ذلك لأن ما حمله على هذه الخطوة هو العمل على تأمين مصالح بلده التي هي فوق كل الاعتبارات. وقد اهتدى الرجل إلى تل أبيب بنية العبور إلى واشنطن حيث العلاقات معها ليست على ما يرام ويتوسم خيرا مع إسرائيل. ولذلك فإن كل الشعارات التي يرفعها أردوغان بالنسبة للقضية الفلسطينية أو اتخاذ مواقف محتشمة على غرارما قاله يوما ما “بأن القدس خط أحمر” وهلل له شركاؤنا في الوطن ، ما هي إلا شعارات ومواقف للاستهلاك.

ولأشباه الرجال أريد أن أخترق مسامعهم بالقول إذا عجزتم أو تخاذلتم عن الخروج في حركة احتجاجية ضد قرار أردوغان، ألم يكن بإمكانكم إصدار بيان إدانة أو عتاب لكي توهموا الناس على الأقل بأنكم على العهد باقون وذلك من أضعف الإيمان. لكنكم لن تستطيعوا لأن الأمر يتعلق بتركيا وليس بالمغرب. رجاء، بعد أن انكشف أمركم وتبين أن مواقفكم ليست مبدئية وغلب عليها الكيل بمكيالين، ألا تخرجوا مرة أخرى في خرجات مكشوفة لأنها ستكون مثيرة للسخط كما للسخرية. وعليكم أن تتعظوا بالشعب التركي الذي لم يشوش على خيارات بلاده من منطلق إيمانه بأن وطنه فوق الجميع، على عكس ما أنتم عليه من تآمر على ذاك الذي تتفيؤون تحت ظلاله ورجلكم اليمنى على اليسري متكئين على أكفكم ووجهكم إلى السماء حامدين شاكرين على ما جادوا به عليكم من خير ونعم الارتزاق.    

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.