كاب 24 : الكارح أبو سالم
” خطر الموت ” عنوان مكتوب على لافتة معلقة بباب مركز تحويل التيار الكهربائي ، وتحتها بيانات طويلة تتضمن طرق إسعاف بعض الحالات التي قد تتعرض للتماس الكهربائي ,, لحد الساعة الأمور قد تبدو جد عادية ، لكن تعالى معنا لنزهة خفيفة بتيكوين بأكادير لنقف عند ما هو أغرب من الغرابة، وأعجب من العجب ، بل وجب إضافتها لعجائب الدنيا السبع لتصبح الثامنة في المغرب . وأنت تتجول بتيكوين في أكادير ، فتتوقف أمام مطاعم مصطفة تغريك برائحة لذة المأكولات المنبعثة منها ، فتجبرك حتما على الدخول عندها لإشباع شهيتك ، فتقرر أخذ قسط من الراحة ، وتناول طاجين المعزي السوسي أو إحتساء كؤوس الشاي بنعناع تزنيت ،لكن مما أشرنا إليه كونه غريب وغير مقبول نهائيا حتى في نواديبو أو الموزنبيق ، ستجد نفسك مخيرا بين الجلوس بمدخل المطعم على طاولة ملتصقة بالأبراج الكهربائية الحديدية الحاملة لأسلاك التيار الكهربائي ذات الضغط العالي ، وعليها علامة ” خطر الموت ” مما يجعل شهيتك تتوقف في حينها ، أو بداخل المطعم _ وهنا الطامة الكبرى _ ستجد نفسك وأسرتك وباقي زبناء المطعم ، أمام قنبلة موقوتة ، ألا وهي مركز تحويل التيار الكهربائي تابع للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ، كتب عليه هو الآخر تحذير خطر الموت ، فلمن ياترى يوجه المكتب الوطني هذا التحذير ؟ هل لعموم المواطنين ، أم لمستخدميه أم للسلطات التي توجد بها معداته أم للجميع ؟ الأجدر أن يحول التنبيه لواضعه قبل كل شيئ.
من أجل إستجلاء حقيقة الأمر ، وبعد أخذ لقطات للجريمة الإنسانية بكل المقاييس ، وللحفاط على الأمانة في نقل الخبر الصحفي اليقين، تنقل مبعوث كاب 24 رأسا صوب المدير الجهوي للمكتب الوطني للكهرباء بأكادير صباح أمس التلاثاء ، غير أنه _ حسب السكرتارية _ وجد خارج مكتبه في إجتماع مع السيد العامل ، ولا نعتقد أن جدول الأعمال يتضمن مثل هذه الخروقات ، وبالتالي أشير على المبعوث للتوجه إلى مكتب رئيس المصلحة ، الذي وجد هو الآخر خارج العمل بعلة تناول الغذاء حوالي الساعة الحادية عشر والنصف ، فاضطر المبعوث للعودة بعد الزوال حوالي الساعة الرابعة إلا ربعا .
هذه العودة أبانت على أن كل التحركات كانت توحي بأن زيارة الصحفي غير مرغوب فيها بالمديرية الجهوية للمكتب الوطني بأكادير ، فقد أعطى المدير تعليماته لكاتبته بإحالته على أي إطار تقني_ دون إستقباله طبعا _ ، مما إضطرت معه الكاتبة وهي محرجة التنقل عبر تلاث مكاتب ، إلى أن استقر الأمر لدى أحدهم ” ع م ” حيث أبدى هو الآخر إنزعاجه في البداية قائلا : ” كان على الأقل تاخذ معانا موعد باش نكونو مستعدين “مضيفا ,, لامايمكنش تسجلني ,, نقدر نعطيك غير الورقة والستيلو تكتب صافي ، وبعد تأكده بأن الصحفي لديه موعد مسبق مع الكاتبة منذالصباح للعودة بعد الزوال ، بعدما إستحالت عملية مقابلة السيد المدير الجهوي الذي لم يستوعب بعد النص الدستوري في شقه المتعلق بأحقية المواطنين فبالأحرى الصحافيين في الحصول على المعلومة ، إنطلق الحوار مع هذا الإطار .
خلاصة الإستجواب كانت أغرب بكثير من الواقعة ، وتبين أن سلامة المغاربة هي أرخص بكثير من جناح باعوضة ، فبعد أن إطلع المستجوب على صور كارثة أسلاك التيار الكهربائي فوق رؤوس الزبناء الجالسين ، أجاب : “هذا ماشي مشكل حيث معندوش علاقة بالمباني السكنية هذا راه غير على برا ديال المطعم ..” وعند إطلاعه على المحول الكهربائي المتواجد هذه المرة داخل المطعم ” ماشي على برا ” أجاب مرة أخرى : ” ماشي مشكل مادام عند التقنيين الممر كيفاش يدوزو للمركز المحول ؟” وبالتالي فإن المكتب لايتحمل أي مسؤولية مخالفة المواطنين لضوابط الإبتعاد عن المعدات الكهربائية .
إن المشرع لم يغفل أبدا مخاطر البناء أو القيام بأي نشاط عدا زرع الاشجار ، وخصها بقوانين أبرزها تحديد المسافة الإبتعاد في 25 متر عن الابراج الحاملة للأسلاك الهربائية ذات التيار العالي أو المتوسط والمنخفض ، كما أطر تدبيرها ومسؤوليتها بشراكة مع الدولة كمتتبع أولي للوقوف على مدى إحترام دفاتر التحملات، وقاية للسلامة والأمن الصحي والجسدي للمواطنين من تداعيات المغناطيس والتماس الكهربائي ، لكن بالنظر لهذه الحالة وحالات عديدة مماثلة ، يتضح جليا أن آخر هم بعض المسؤولين بأكادير هو المواطن ، وبالتالي تنتقل المسؤولية في هذه النازلة من مقر المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب في مقره المركزي بالدارالبيضاء ، إلى من يمثل صاحب الجلالة على ولاية أكادير إيداوتنان .