ONCF 970 x 250 VA

حوار حصري: صرخة مغربية من مخيم الهول.. رحلة جحيم من تطوان إلى “داعش”

0

كاب24 – خاص:

لم يكن متوقعاً أن يشهد “سجن غويران” بالحسكة تلك الهجمة الدامية التي أودت بحياة الآلاف المعتقلين، منهم المنتمين لتنظيم داعش الإرهابي أواخر يناير الماضي، في سجن يُعد الأكبر في العالم من حيث عدد الجهاديين الذين قاتلوا في صُفوف “داعش”، وهو الحادث الذي أعطى فرصة فرار لعدد من عناصره ما يعيد مخاوف انبعاث الحياة بالتنظيم.

ويشهد الوضع شمال شرقي سوريا حالة من الارتباك المنذر بعودة معارك “التنظيم الأسود” ضد قوات سوريا الديموقراطية، وهو السيناريو المحتمل الذي زرع الرعب في نساء وأطفال مغاربة عالقين مازالوا ينادون بإعادتهم للمغرب بعد ندم بالغ ومراجعة لذواتهم، وهو ما برز في حوارنا مع المغربية “زهراء” العالقة في “مخيم الهول” أحد آخر مخيمات اللجوء لنساء وأرامل “داعش”.

حاورها جواد الأطلس:

-بداية، عرفينا بنفسك، سِنك، وضعيتك العائلية، ومن أي مدينة؟

اسمي زهراء (أم عمران) أنا امرأة ثلاثينية أرملة انحدر من المجتمع الشمالي تحديدا من تطوان نشأت في بيئة محافظة جداً لم أكمل دراستي.

– صِفي وضعكم حاليا بمخيم الهول، أمنياً واجتماعياً؟

الوضع هنا تخطى كل وصف، إن كان أمنيا فإننا في تضييق وتشديد لم يسبق له مثيل، إننا ممنوعات من امتلاك الهواتف النقالة وإن ضُبط عند إحدانا فينتظرها أشد عقاب لا يُتصور، وكأننا ارتكبنا جناية، وبعد أن وقعت مسرحية سجن “غويران” ستزيد الطين بلة وكأنه كان ينقصنا.

أما الوضع الاجتماعي هنا، هو وضع كارثي بكل المقاييس، فالمنطقة تعيش انهيار على مستوى العملة المحلية بالموازاة مع التوتر العسكري مع دولة تركيا، التي إن فرضت حصار على المواد الغذائية تموت المنطقة جوعا، ناهيك عن الارتفاع المهول والجنوني في أسعار العلاجات والغذائيات فخلال ثلاث أشهر تضاعفت الأسعار في ثلاث مرات.

-كيف جاءت فكرة الالتحاق بداعش ومتى (التاريخ)؟

فكرة السفر راودت زوجي عندما هاجت وماجت المنصات الاعلامية بأخبار التنظيم وفتوحاته المزعومة، لقد التحقنا أوائل 2015، ثم قرر بعد ذلك إعلان الخلافة فأخبرني بقراره وبحكم أنني ابنة المنظومة الأبوية ولكيْ أكون من “المَرضيات عنهن” ما كان لي الاعتراض، لا أرى إلا ما يرى، ألم يقولوا إن الحب أعمى!؟ فهذا ما حدث لي، كان عمري آنذاك 27 سنة.

– كيف تواصلوا معكم أول مرة وهل المبادرة منكم أم جرى استقطابكم؟

لقد تم استقطابي من قبل زوجي- أما هو فقد تواصلوا معه عن طريق العالم الافتراضي إلى أن توطدت علاقته بالمنسق فقرر على إثر ذلك التحرك.

– كيف حضّرتِ لرحلتك إلى سوريا ومن موَّل تكاليف السفر؟

(بتنهيدة طويلة).. لم أحُضِر لقد تحضّرت كما حضّرت حقيبتي وجواز السفر والحُجوزات لأني كنت ضمن المرفقات والملحقات تابعة في كل أمر، أما تكاليف السفر فكان نِصفها على مُنسق التنظيم والباقي من أموالنا الخاصة.

– بخصوص التمويل الذي تلقيتموه من تنظيم “داعش”، كيف توصلتم بمبلغ الرحلة هل عن طريق وسطاء أم ماذا، وكم؟

عن طريق مكتب التحويل الدولي ويسترن يونيون.. لم يخبرني زوجي بالمبلغ لكن اعتقد أنه كان أكثر من نصف مليون مغربي..

– كيف كان وضعكم الاجتماعي والمادي في المغرب متوسطي الدخل أم ميسورين؟

كنا ميسورين إلى أن غادرنا بيت العائلة باتجاه الاكتراء فبتنا من العوائل المتوسطة والعائلة المتوسطة الشمالية، مقارنة مع الداخل فهم فقراء المجتمع.

– ما هو المسار الذي سلكتموه للوصول إلى أراضي التي تقع تحت سيطرة داعش؟

خرجنا من المغرب باتجاه تركيا ثم بعد ذلك رحلة إلى إندونيسيا، بعدها عدنا لتركيا وولجنا لسوريا تحديدا الأراضي الواقعة تحت سيطرة تنظيم “داعش”.

-كيف جرى استقبالكم بالتنظيم وترتيب إقامتكم في البداية، وبأي منطقة؟

تم استقبالنا من قِبل عناصر التنظيم العاملون بهيئة التنسيق والهجرة بالبوابة الحدودية في مدينة تل أبيض السورية المحاذية لتل أبيض التركية التابعة لمدينة أورفايا، ثم أُخذنا إلى أحد المقرات حيث أُدخلت بمكتب كان به نِسوة غيري، وصلن قبلي وزوجي الذي أخِذ إلى مكتب الرجال، حيث أُخذت بياناتنا ثم سلمونا اللباس الشرعي الأسود الكامل لارتدائه.

أما بخصوص ترتيب إقامتنا كان بعد انتهاء زوجي مع المعسكر الشرعي والعسكري أما قبل ذلك فقد مكثت في مضافة النساء المتزوجات ببلدة “سلوك” الى حين عودة الزوج.

-هل جرى تكليفك بمهمة أو عمل داخل التنظيم، وحبذا لو تخبرينا ماذا اشتغلت النساء غير المتزوجات أيضاً؟

لا لم أشتغل كنت ربة بيت، لطالما وجدت ذاتي في بيتي لأنني أحب أن أكون امرأة تقليدية بعد تفشي “الفكر النسوي” وانحلال الاخلاق في المجتمع بحيث لم تعد تسلم المتزوجة قبل العازبة، هناك من اشتغلت بسلك التعليم والتمريض والتطبيب وهيئة الحسبة.

-هل سبق والتقيتِ نساء من “لواء الخنساء” الخاص بالمجندات في صفوف داعش، وماهي مهامهم الحقيقية؟

لكي تكون هناك مهام حقيقية علينا إيجاد أولاً المجندات، ولكي يكون لدى التنظيم مجندات هنا فقط سيكون لديهم “لواء خنساء”.

-ماذا تعرفين عن المغربية المعروفة وإحدى أهم عناصر داعش من النسوة المسماة “فتيحة المجاطي”؟

يا حبذا لو تتوقفون عن الحديث عنها والسؤال فيها فإنكم بهذا تقومون بدعاية لها إلى أن تجعلوها أيقونة الجهاديات، كل ما سمعناه بعد خروجها من “الباغوز” ووصولها لمخيم الهول اختفت حينئذ، ومن وقتها أخبارها مقطوعة.

-كيف قضيتكم فترة المعارك التي كانت تقودها داعش؟

لم نكن نعيش أو نشهد المعارك غير القصف العشوائي والهمجي، فترة لم تخرج مني وإن خرجت منها ماذا أروي لك!؟ هل أحكي لك كيف خرجنا من تحت الأنقاض مرتين وفي المرة الثانية كنت قد أصبت برضوض قوية في ظهري، لك أن تتخيل امرأة وحيدة مع طفلين تحت القصف لأن هوليود لم تفلح في تصوير مشاعرنا آنذاك.

– كيف انتهى بك المطاف في مخيم الهول؟

بعدما قُتل زوجي في معارك داعش، قررت الهروب بطفلي بُغية الوصول لتركيا حتى أسلم نفسي للسفارة المغربية هناك، قام أحد “المُهربين” بالمقابل، بتسليم شاحنتنا في منتصف الطريق لإحدى الحواجز الامنية لـقسَد (قوات سوريا الديموقراطية).

-وسائل إعلام قالت إن نساء داعش تواصِلن ارتكاب عمليات إرهابية لصالح التنظيم داخل مخيم الهول، من يُحركهن؟

البينة على من ادعى، ليست هناك أدلة مادية ملموسة أن هذه العمليات من طرف نسوة ينتمين للتنظيم.

– كم عدد المغربيات المتواجدات في المخيم؟

بصراحة ليس عندي عدد تقريبي، لكنهن متواجدات بعدد لا بأس به..

– هل هناك أنباء عن ترحيلكم إلى مغرب أم لا حل لحدود اليوم؟

على المستوى الاعلامي الوطني يُقال أننا سنرحل اليوم قبل غد بخلاف الطرف الآخر (الأكراد) الذي يؤكد لنا أنه لم تتواصل معهم أي جهة أمنية حكومية مغربية بشان ترحيلنا.

– هل فعلاً يتعرض اللاجئون بمخيم الهول للتعذيب من طرف جنود الأكراد؟

نعم هناك انتهاكات على المستوى النفسي واللفظي، وهناك بعضها خطير مثل الاحتجاز الانفرادي والحراسة، والمعاملة الحاطة من الكرامة..

– ماهي مطالبكم كمغربيات بمخيم الهول؟

مطلبنا الآن، الترحيل على وجه السرعة فنحن الرافضات لداعش ومنهاجها حياتنا على المحك وأطفالنا هنا في خطر حقيقي.

– بما أنك صادفتِ نساء كثُر بالتنظيم، ما هي الدوافع القوية المشتركة لدى أغلب النساء اللواتي التحقن بداعش؟

التبعية المطلقة للزوج وانعدام الاحتواء العائلي، ناهيك عن الفقر والجهل المتفشي بكثرة، حتى وإن كانت صاحبة شهادات عليا.

– هل تراجعت أغلب النساء عن أفكارها بخصوص “داعش” أم أن هناك نساء يحن للعودة لأيام التنظيم؟

بصراحة يوجد من هؤلاء وهؤلاء.

– هل لديك رسالة ترغبين في إيصالها للسلطات المغربية؟

أقول لهم ماذا مطلوب منا بعد حتى يتم ترحيلنا، التنظيم وهربنا منه، كما أن وجودنا في المخيمات ليس باختيارنا، فما كنا لنضع بلدنا الحبيب في هكذا موقف بإرادتنا..، لقد قضينا بالمخيم أكثر ما عشناه داخل التنظيم هربنا وأطفالنا صِغار، الآن باتوا يافعين وهذا يُعرضهم لخطر نزعهم منا بالقوة.

لقد أنقذناهم بالهروب من “داعش” كي لا يكبروا في أوساط المجرمين، لماذا هذا التماطُل في حلحلة الملف، إننا نعلم أنه شائك ونعي مدى خطورته، لكن والله ندمنا.. أعيدونا وحاكمونا، عاقبونا، لكن لا تتركونا هنا، أنقذوا أطفالنا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.