حكمت الشريعة تكتب عن رواية ‘فتيل الوجع’ للكاتب عثمان السخايري
بقلم: حكمت الشريعة
فتيل الوجع
رواية
عثمان السخايري
بعد انتظار طويل تسلمتها في يوم صيف قائظ بمدينة الجبهة وكلي لهفة، وحماس في أن ترى عيني حروفها، ويستشعر قلبي ما تحويه من كلمات خطتها أنامل روائي عايش شيئا مما عشناه نحن في قرى غمارة!
“..ولكني كنت مخطئا عندما اعتقدت أن الذاكرة قد شطبت من كل تلك الذكريات الملغومة بالوجع ،التي لا ينفك منها القلب إلا ملتاعا، إذ لم أستفق من غيبوبتها إلا بعدما وجدت جسدي مخضبا بأدران الخيبة والأسى..”
هكذا استهل الكاتب روايته ، إذ يسرد لنا فيها بأسلوب سلس عن يوميات شخصية غمارية نخر الوجع في أعماقها، وأخذت منها الذكريات الشيء الكثير ! وأظنه أن “لولا التّوق إلى التغيير وإلى الغدّ المُنبثق من جوف الظّلام، لما إِحتمل قلبها (الشخصية الغمارية) شيئًا من كَبَد الحياة”..!
تمثلت هذه الشخصية في شخص حميد، متزوج من سلمى التي لا تفتأ تذكره بشيماء، حبيبته الأولى، وذكرى لم يشف قلبه من تبعاتها منذ أن تلقى في ذاك اليوم السحيق نبأ رحيلها إلى دار البقاء ،حيث كان في طريقها إليه على حسب قول الكاتب! وله من سلمى ولد سماه سعد ، احتضنته مدينة تطوان كأستاذ يدرس بإحدى مدارسها ، لكنه ذو نسب غماري أصيل وبالضبط من قرية “أركل ” !
يلخص حميد لنا بشكل واضح ومقتضب واقع كثير من شباب قبائل غمارة ممن حالفهم الحظ، أو لنقل عاندوا الحياة وأصمو أذانهم عما يرويه ويشحنهم به مجتمع مقيد بالعادات والتقاليد وأسير للعقول النابغة ؛إذ يحمل بداخله الكثير من الغيرة تجاه المنطقة وخصوصا أطفالها !
ولم يفت الكاتب أن ينقل لنا بصورة لم نعتد أن نرى عليها غمارة بوصفه لجمالها الفتان، وما تزخر به من مؤهلات وروعة لشواطئها ذات النقاء والبهاء! ولعل ما ينقصها بعضا من الاهتمام من طرف المسؤولين كما وصف وأكد الكاتب!
هذه الرواية لمن يريد أن يتعرف على شيء من حياة شباب غمارة ومايعيشونه من حلو ومر!
قراءتي لفتيل الوجع ذكرتني بنفسي وبأحداث قد خلت عشتها في جبال بني ݣرير، وأيقظت فيّ حبا وشوقا لزياتها في القريب إن شاء الله.