هذا ما كان ف الكان: خاوة خاوة ..كما عاشها الجزائريون في المغرب – الحلقة 29/03
الگارح ابوسالم
كثير من الجماهير الجزائرية التي شدت الرحال إلى المغرب لحضور كأس إفريقيا للأمم، جاءت وهي تحمل صورة قاتمة مسبقة عن البلد الجار. صورة صُنعت على مدى سنوات، رُوِّج فيها أن المغرب فضاء غير مرحِّب، وأن الزائر الجزائري سيواجه تضييقًا أو مضايقات، وأن أعلام بلده لن تجد لها مكانًا بين الأعلام الإفريقية، وأن ما يُعرض عن المغرب من تطور وعمران ليس سوى صور مصنوعة بالذكاء الاصطناعي أو معدّلة بـ«الفوتوشوب»، كما صُوِّر لهم في الخطاب الرسمي القادم من قصر المرادية المحاط بجنرالات القرن الماضي ، فضل تفكيرهم رهين المخاوف أسير الاستعمار الفرنسي .

لكن ما إن وطئت أقدامهم أرض المغرب، حتى بدأ هذا البناء المتخيَّل في التصدع إنطلاقا من المطارات، في الشوارع، في المقاهي، في محيط الملاعب، ومن لدن المواطنين المغاربة ، وجد الجزائريون استقبالًا دافئًا، بسيطًا، وعفويًا. لم يكن استقبالًا بروتوكوليًا مصطنعًا، بل سلوكًا يوميًا يعكس ما يقصده المغاربة حين يقولون فعلًا شعارًا: خاوة خاوة. أعلام الجزائر رُفعت جنبًا إلى جنب مع أعلام باقي الدول الإفريقية، دون حرج ولا حساسية، في مشهد قاري طبيعي، يناقض كليًا ما كان يُتداول من تخويف.

الأكثر تأثيرًا لم يكن فقط حسن الاستقبال، بل الصدمة الإيجابية التي أحدثها الواقع. مدن منظمة، طرق حديثة، نقل سلس، مرافق عمومية تشتغل بإيقاع منتظم، أسواق عامرة بمختلف السلع، مطاعم مفتوحة، خدمات متاحة للمواطن والضيف على حد سواء، عناصر أمنية مدنية وأخرى بالري المهني متواجدة بإحكام في كل مكان ، سيارات امنية مجهزة ودراجات كوكبية لعناصر خاصة أعدتها المديرية العامة لحدث الكان 2025، في كل مكان . هنا بدأ كثيرون يطرحون السؤال الذي لم يكن مسموحًا بطرحه من قبل: لماذا هذا الإصرار، في الخطاب الرسمي الجزائري، على شيطنة المغرب؟ ولماذا تحويل العداء إلى ما يشبه العقيدة؟

من تجول في المدن المغربية، في أزقتها العتيقة، وفي أسواقها الشعبية، ومن وقف على آثارها التاريخية، وشاهد في الآن نفسه نهضتها العمرانية الحديثة، أدرك أن الفجوة ليست في الجغرافيا، بل في السرديات. أدرك أن ما قُدِّم له طيلة سنوات لم يكن سوى رواية أحادية، حجبت عنه واقع جارٍ اختار طريقًا مختلفًا في التنمية والانفتاح.
وهنا تتجلى تلك الحكمة البسيطة التي تختصر كل شيء: من رأى ليس كمن سمع. الرؤية المباشرة، والمعايشة، أسقطت الكثير من الأوهام. كثير من الجزائريين اكتشفوا أنهم كانوا، عن قصد أو عن غير قصد، ضحية تغرير سياسي، وأن صورة المغرب والمغاربة لا تشبه مطلقًا ما رُسم لهم في الإعلام الرسمي.

تنظيم المغرب لكأس إفريقيا لم يكن مجرد نجاح لوجستي أو رياضي، بل كان، في جانب منه، لحظة إنسانية كاشفة. لحظة أعادت فتح نوافذ أُغلقت طويلًا بين شعبين شقيقين، وجعلت التلاقي الشعبي أقوى من كل محاولات الفصل المصطنع. وربما، دون خطابات ولا شعارات، أعاد هذا الحدث الدفء لعلاقة ظلت حية في الوجدان، مهما حاولت السياسة تجميدها.
ما اكتشفه الزائر الجزائري في المغرب هو ببساطة واقع لا يحتاج إلى تزيين: بلد يشتغل، مجتمع يتحرك، وتاريخ يتصالح مع الحاضر. واكتشف، قبل كل شيء، أن الكذبة الكبرى لا تصمد طويلًا حين تواجهها الحقيقة على الأرض.

أما ماصدر عن بعض عناصر المنتخب الجزائري بفندق “ماريوط” في اليوم الأول بالرباط من إساءة لصورة جلالة الملك محمد السادس نصره الله ، ومن تصرف غير مقبول برفضهم تناول التمر والحليب العادة المغربية الراسخة في الأعراف الحميدة ، فإن آثار الإساءة ووفق الخرجات الإعلامية الأجنبية والتعاليق بوسائل التواصل الإجتماعي ، وكذا ادارة الكان ، والفيفا ، وإدارة الفندق قد وجهت اللوم اللاذع للحزائريين فعادت بذلك الإساءة الى مكان انطلاقتها ، أما المسؤولين المغاربة فقد عاجلوا الأمر بيد من حديد في فقارتين من حرير .

