مع دخول مشروع تندرارا للغاز الطبيعي المسال مرحلة التشغيل الأولى، عاد اسم عزيز أخنوش إلى الواجهة، ليس فقط بصفته رئيساً للحكومة، بل أيضاً باعتباره مالك شركة «أفريقيا غاز» التي ستتولى تسويق الغاز المنتج محلياً، بموجب عقد توريد طويل الأمد مع الشركة البريطانية ساوند إنرجي.
المعطيات المتوفرة تفيد بأن الغاز المستخرج من أكبر حقل غاز بري بالمغرب سيُوجَّه إلى شركة يملكها رئيس الجهاز التنفيذي نفسه، في إطار اتفاق يمتد لعشر سنوات، ويهم تزويد السوق الوطنية بحوالي 100 مليون متر مكعب سنوياً، بأسعار تتراوح بين 6 و8.3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. هذه الأرقام، رغم طابعها التقني، تطرح أسئلة سياسية واقتصادية حول تداخل القرار العمومي مع المصالح التجارية الخاصة.
في الظاهر، ينسجم المشروع مع الخطاب الرسمي للحكومة حول تعزيز السيادة الطاقية وتقليص التبعية للخارج، خاصة في سياق دولي يتسم بتقلبات حادة في أسواق الطاقة، غير أن تموقع شركة مملوكة لرئيس الحكومة في قلب أول تجربة مغربية لإنتاج الغاز الطبيعي المسال محلياً، يفتح نقاشاً أوسع حول تضارب المصالح وحدود الفصل بين السلطة السياسية ورأس المال.
أخنوش، الذي راكم خبرة طويلة وثروة هائلة في قطاع المحروقات والطاقة قبل دخوله العمل الحكومي، يجد نفسه اليوم في وضعية استثنائية تجمع بين صانع القرار والمستفيد من نتائجه.
ورغم أن الاتفاقية المبرمة مع ساوند إنرجي تندرج قانونياً ضمن عقود تجارية، إلا أن رمزيتها السياسية تبقى ثقيلة، خصوصاً في ظل حساسية قطاع الطاقة وارتباطه المباشر بالقدرة الشرائية للمواطنين.
مشروع تندرارا، من هذه الزاوية، لم يعد مجرد استثمار طاقي، بل تحول إلى اختبار حقيقي لشفافية تدبير الشأن العام، ومدى قدرة الحكومة على طمأنة الرأي العام بأن الخيارات الاستراتيجية في مجال الطاقة تُبنى على المصلحة الوطنية، لا على تقاطع النفوذ السياسي مع المصالح الاقتصادية.
وبينما يراهن المغرب على هذا المشروع لتقوية أمنه الطاقي، يظل السؤال مطروحاً حول ما إذا كانت المرحلة المقبلة ستشهد وضوحاً أكبر في قواعد الحكامة، أم أن تندرارا سيبقى عنواناً جديداً لجدل قديم حول العلاقة الملتبسة بين السلطة والمال.

