أعاد اعتقال سكينة بنجلون إلى الواجهة واحدة من أكثر القضايا حساسية في النقاش العمومي المغربي، بعدما جرى تنفيذ الحكم الصادر في حقها وإيداعها سجن عكاشة بالدار البيضاء إثر شكاية تقدمت بها أسرة زوجها السابق تتهمها فيها بالتشهير عبر محتوى رقمي اعتبرته المحكمة مسيئًا ومضرًا بسمعتهم.
وقد استند القرار القضائي إلى تحليل تقني لمواد منشورة على منصات التواصل، وهو تحليل منح المشتكين ما اعتُبر دليلاً حاسمًا لترجيح روايتهم، لتنتهي فصول الخلاف من سجالات الطلاق إلى مرحلة أكثر تعقيدًا على المستوى القانوني.
ورغم أن القضية تبدو، في ظاهرها، مسطرة قضائية واضحة تنتهي بتطبيق قانون يجرّم التشهير، إلا أن تفاعل الرأي العام معها كشف عن بعد آخر لا يقل أهمية، إذ وجد كثيرون في ما وقع لبنجلون تعبيرًا قاسيًا عن الثمن الذي قد تدفعه امرأة انهارت حياتها الخاصة دفعة واحدة.
فالبعض يرى أنها سيدة فقدت أسرتها ومكانتها واستقرارها، وأن ما نشرته لم يكن سوى محاولة يائسة للبوح بعد سنوات من الصمت، وأن خروجها إلى العلن لم يكن سعيًا إلى الإساءة، بل تعبيرًا عن شعور بالخذلان والظلم، خصوصًا أنها كانت، بحسب شهادات متعاطفين معها، من أولئك الذين وقفوا إلى جانب أزواجهم ودعموهم في مراحل صعبة قبل أن تتغير الأقدار ويصبح ما كان سرًا موضوعًا للعلن و بين أرجاء المحاكم.
في المقابل، لم تتردد أصوات أخرى في اعتبار أن بنجلون أخطأت حين اختارت منصات التواصل كمنبر للكشف عن خلافات شخصية، وأن تحويل تفاصيل الحياة الخاصة إلى مادة للعموم يفتح الباب أمام تبعات قانونية لا يمكن تجنبها، لأن حماية سمعة الأفراد حق لا يسقط بدافع الانفعال أو بتبرير المعاناة.
ويرى أصحاب هذا الرأي أن ما حدث يمثل نتيجة طبيعية لتحول المواقع الاجتماعية إلى فضاء مكشوف تُنقل إليه الصراعات الأسرية، وأن القانون تدخل اليوم لوضع حد لفوضى رقمية سمحت لكثيرين باستخدام هواتفهم كمنصات اتهام بلا ضوابط.
وبين التعاطف الذي يراها امرأة دفعتها الخسارات المتراكمة إلى الكلام، والانتقاد الذي يعتبر ما قامت به انزلاقًا لا يعفيها من المسؤولية، تظل قضية سكينة بنجلون حدثًا يكشف أكثر مما يخفي. فهي لا تختبر فقط حدود القانون، بل تكشف عمق التحولات التي طرأت على المجتمع عندما أصبحت المنصات الرقمية ساحة يُدار فيها الغضب والألم والنزاع، بدل أن تبقى هذه التفاصيل داخل جدران الحياة الخاصة.
وفي نهاية هذا الجدل، يتأكد أن ما حدث لبنجلون ليس فصلًا منفصلًا عن سياق أكبر، بل جزء من سؤال مفتوح حول قدرة الأفراد على حماية خصوصيتهم في زمن تتجاوز فيه الكلمة حدود أصحابها، وتستمر تبعاتها طويلًا حتى بعد أن تهدأ العاصفة.

