الكارح ابوسالم: Cap24
في كرة القدم، قد تمنح الجوائز للأداء، لكن الأخلاق والقيم هي ما يترك بصمة حقيقية. حفل جوائز الكاف الأخير كشف هذا الفرق بوضوح: لاعبون كبار غابوا عن الحفل—محمد صلاح وأوسيمين—بينما كان حكيمي حاضرًا، مبتسمًا، مصفقًا، محتفلًا بزملائه ومنافسيه. هنا يبرز درس مهم: بعض اللاعبين لا يتركون القيم خلفهم، بينما يختار آخرون الغياب أو التحفظ على الفرح الجماعي، وكأن البطولة ملك لهم وحدهم.
لننظر إلى الأمثلة السابقة: في العام الماضي، حين توّج النيجيري لقمان بالكرة الذهبية الإفريقية، كان حكيمي حاضرًا، صفق وفرح مع الفائز، ولم يترك للحظة التنافس أن يغيّب احترامه. في 2023، حين نال أوسيمين الحذاء الذهبي، تكرّر المشهد نفسه. حتى أنه لم يفز بالحذاء الذهبي مع ديمبيلي، إلا أنه حضر، صافح، وشارك الفرح بلا أي تردد.
وهذا يكشف الفرق بين من يربح الألقاب فقط ومن يربح القلوب والقيم أيضًا. حكيمي لم يفز هذه المرة بالكرة الذهبية فقط، بل بجائزة الروح الرياضية: حضوره، احترامه لكل من حوله، شكره لكل من ساهم في مسيرته، وكلماته التي لم تستثن أحدًا، جميعها شهادة على أنه اللاعب المغربي بكل تجلياته: رجل قبل أن يكون لاعبًا.
أما غياب صلاح وأوسيمين، فهو ليس مجرد غياب مادي؛ بل يعكس موقفًا، ربما سلبيًا، من قيمة الفرح الجماعي واحتفال الآخرين. وهنا تظهر تربية المملكة المغربية في أبهى صورها: تعليم على احترام الآخر والفرح لنجاحه قبل كل شيء. المغرب يربّي لاعبين كبار، نعم، لكن قبل ذلك يربّي رجالًا يرفعون اسم بلادهم بمواقفهم قبل ألقابهم.

ولا يمكن تجاهل جانب آخر: اكتساح المغاربة للجوائز هذه السنة ليس صدفة. الأداء على الأرض يتحدث بوضوح، ولولا ما يُعرف بـ”الترضيات” في الكاف، لكان المغرب استحق الفوز بكل الجوائز بلا زيادة أو نقصان. هذا يعني أن الإنجاز المغربي الحقيقي أكبر من الألقاب الرسمية، وأن العمل الجاد والإصرار موجود منذ سنوات، حتى لو كانت اللوائح والتحكيم أحيانًا تخضع لموازين أخرى.
في النهاية، حكيمي يمثل نموذجًا كاملًا: لاعب موهوب، نعم، لكنه قبل ذلك رجل يحمل الأخلاق والاحترام والروح الرياضية. الألقاب تُصنع بالأقدام، لكن القيم تُصنع بالمواقف. وكلنا فخورون به… ليس لأنه فاز بالكرة الذهبية فقط، بل لأنه أعاد تعريف معنى الفوز في كرة القدم الإفريقية
