يواصل المجلس الأعلى للحسابات ترسيخ موقعه كهيئة رقابية مركزية تسهر على تعزيز الشفافية في تدبير المال العام، من خلال تسريع الانتقال الرقمي واعتماد آليات أكثر نجاعة في تلقي الحسابات والتصاريح بالممتلكات، فخلال السنة الجارية، سجل المجلس تقدمًا ملحوظًا في رقمنة مساطر العمل، سواء على مستوى كتابة الضبط أو في عمليات إيداع الحسابات الخاصة بالمؤسسات العمومية والجمعيات والأحزاب السياسية.
وأوضح المجلس، خلال تقديم مشروع ميزانية المحاكم المالية لسنة 2026 أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس النواب، أن عدد التصاريح بالممتلكات بلغ هذه السنة 11275 تصريحًا، منها 10745 تخص الموظفين والأعوان العموميين، في حين بلغت نسبة الامتثال 100 في المائة بالنسبة لأعضاء البرلمان بمجلسيه، وهو ما يعكس ترسخ ثقافة الالتزام بالشفافية داخل مؤسسات الدولة.
وفي موازاة ذلك، كشف التقرير أن 1880 جمعية أدلت بحساباتها المالية برسم سنة 2024، إلى جانب 27 حزبًا سياسيًا، من بينها 24 حزبًا اختارت الإيداع الرقمي الكامل عبر المنصة الإلكترونية للمجلس. كما قام 20 مترشحًا في الانتخابات الجزئية بإيداع حسابات حملاتهم الانتخابية ماديًا، في انتظار تعميم الخدمة الرقمية على هذه الفئة أيضًا.
على مستوى مرافق الدولة والمؤسسات العمومية، تلقت كتابة الضبط بالمجلس ما مجموعه 3119 حسابًا خلال الفترة الممتدة من يناير إلى أكتوبر 2025، فيما عرف الإيداع الورقي انخفاضًا حادًا بنسبة تجاوزت 50 في المائة مقارنة بالسنة السابقة، بعد أن بلغ عدد الحسابات الورقية 1182 فقط، أي ما يعادل عشرة أطنان من الوثائق.
ويعود هذا التحول إلى التوسع الكبير في استعمال المنصات الرقمية، التي بلغت نسبة استخدامها لدى الخزنة المكلفين بالأداء بالمؤسسات والمقاولات العمومية 81 في المائة، مع اعتماد كامل من طرف إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة.
وبخصوص المجال التأديبي، فقد أصدرت المحاكم المالية 35 حكمًا ومقررًا نهائيًا بمبالغ إجمالية قدرها 805 آلاف درهم، تمكنت الخزينة العامة من تحصيل 31 في المائة منها، في إطار مهام التأديب المتعلقة بالميزانية والشؤون المالية.
أما في ما يتعلق بتفاعل المجلس مع المواطنين، فقد استقبل خلال سنتي 2024 و2025 ما مجموعه 1445 شكاية، نصفها تقريبًا يندرج ضمن اختصاص المجالس الجهوية للحسابات. وقد ساهمت معالجة هذه الشكايات في اقتراح برمجة مهام رقابية جديدة تهم مراقبة التسيير وتقييم البرامج العمومية واستخدام الأموال العامة.
ولمواكبة هذا الزخم، أعلن المجلس عن مشروع رقمي جديد برسم سنة 2026 يهدف إلى إحداث منصة إلكترونية متكاملة لكتابة الضبط، تُمكِّن من إدارة جميع مراحل المساطر، من التلقي إلى الأرشفة، مع اعتماد التوقيع الرقمي والتبليغ الإلكتروني.
كما سيتم إعادة هيكلة المنصة الخاصة بإيداع حسابات الحملات الانتخابية لتتلاءم مع الإطار القانوني والتنظيمي الجديد استعدادًا للاستحقاقات المقبلة.

