الكارح ابو سالم – cap24-
للأسف أن بعض مدبري الشأن العام بالمغرب منتخبون كانوا أو إداريون ، يتظاهرون بعدم استيعابهم للخطب الملكية ، وللرسائل التي يبعثها لهم عبر كل خطاب سامي، ولعل حجتنا في ذلك خروجهم مباشرة بعد كل خطاب للتصريح والتثمين ، ( خطاب افتتاح السنة التشريعية البرلمانية الأخيرة ) وأن هذا الخطاب وذاك قد وضع الأصبع على مكمن الداء ،واستجاب لمطالب الشباب المحتجين ، وكأن الخطاب يتعلق بسكان كوكب آخر، غير آبهين بما صدر عن بعضهم من هفوات وسوء تقدير واختلالات مالية وتدبيرية جسيمة ، وعدم تواصلهم بالمواطنين وقطع الصلة بالإعلام ، إلى أن جاء الفتح المبين بخطاب الملك محمد السادس حيث كشف الغطاء عن المكنون ، مبرزا أن الإعلام شريك أساسي في صناعة التواصل مع المواطنين وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتسليط الأضواء على الهفوات لصناعة الانتقاد البناء بعد السلط المنفصلة التلاث .
أكيد أن المغرب الآن بعد 31من أكتوبر المنصرم، و القرار الأممي التاريخي لمغربية الصحراء ليس هو مغرب مابعد هذا التاريخ ، فيمكن ربط الخطاب الملكي بالمغرب الذي يريده جلالته ومواطنيه ، الخروج من مرحلة التدبير الى مرحلة التغيير ، أي أنه على الجميع أن يشمر عن ساعد الجد كل من زاويته لتحقيق النهضة المنشودة، وان لا مكان للمتخاذلين ومستغلي النفوذ بيننا.
نعرج الآن صوب صلب الموضوع مناسبة تنزيل هذه التوطئة ، والذي نستهدف من خلاله المؤسسة المحمدية لقضاة وموظفي العدل، التي تعيش وضعا يستدعي التعجيل بتشخيص موتها السريري الذي تجاوز المؤقت ، فما هو دور السيد عبد اللطيف وهبي وزير العدل بصفته رئيس مجلس التوجيه والمراقبة للمؤسسة المحمدية ، هل يؤثر تدبيره على مسار الأعمال الاجتماعية أم يتأثر ؟
لقد عانت المؤسسة وفق منظور متتبعين واعون بأهمية الغرض منها من طرف السادة القضاة وموظفو وزارة العدل وموظفو المندوبية السامية لادارة السجون ، ومستخدمو المؤسسة المحمدية الذين يتحشرجون تحت قبضة ادارية جوفاء بعيدة عن الإنتاجية المرجوة – وفق العديد من بلاغات النقابات المعنية التي تحتفظ كاب 24 بنسخها – الى أن وصلت مرحلة شبه الإنفلات التام من الرقابة ، فما معنى أن يعقد عبد اللطيف وهبي وزير العدل رئيس مجلس التوجيه والمراقبة أربعة إجتماعات رسمية فقط خلال خمس سنوات حافلة بالمشاكل ؟ أي بمعدل لا يوازي حجم الاختلالات الراكدة ،اربع اجتماعات تكررت تقريبا جداول أعمالها و لم تتجاوز تناول حصيلة الإنجازات – وأي إنجازات ؟ – الميزانية ، وتحسين الخدمات – واي تحسين ؟ – والمطالب المتزايدة والتغيير المنشود من طرف منخرطي المؤسسة الذين لاسئموا من رفع الملتمسات إلى أن أفلت أصواتهم وبحت حناجرهم منتقدة طرق ومعايير الاستفادة من الخدمات الاجتماعيةًالتي لهم فيها الحق الشرعي ، سواء القروض او التطبيب او مراكز الاصطياف او خلق انشطة وشراكات تعود بالنفع ، وتقريب الخدمات النوعية ذات الوقع الكبير كالتعاونيات السكينة والتعاضديات ، والاستفادة من ميزانية استكمال التكوين وتبادل الخبرات مع دول صديقة في المجال الاجتماعي ، والاستفادة من تخفيضات النقل الجوي داخل المغرب وخارجه ، والنقل البري والبحري الداخلي ، وافكار جمة ذات اهمية قصوى لا يتم مراعاتها ضمن التعليقات التي تتوصل بها منصة التواصل التي وضعتها المؤسسة حيث تظل قابعة مجرد اداة للتأثيث والتظاهر ليس إلا ، وبأن المؤسسة تتظاهر باهتمامها بالتواصل مع المنخرطين ، فما فائدة المنصة إذا لم تجرأ على التنزيل والتأقلم مع ابسط المطالب ، ناهيك عما تقدمت به جمعيات مهنية للقضاة وايضاً المندوبية السامية لادارة السجون.
أما عن عدد الدوريات والبلاغات فإن لجنة التوجيه والمراقبة ، لم تتجاوز 10دوريات و3 بلاغات خلال الأربع سنوات الماضية ، تهدف إلى تنظيم وتوجيه الأعمال الاجتماعية وتوفير المعلومات الضرورية للمنخرطين والمنخرطات اغلبها أيضا نقاط جداول أعمالها مكررة ، خالية من التتبع الحقيقي والرقابة المؤثرة الفعلية ، وهو ما جعل مشاريع القوانين المعروضة على البرلمان سيما المشروع 25/25 و مشروع 25/28 ومشروع قانون 24/74, ومشروع القانون القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 39/09 تعرف تعثرا داخل اللجان ، وسجال قوي بالكواليس خارج قبة البرلمان ، وحركات تسخينية ضخمة للمواجهة من طرف الموظفين المنخرطين والودادية الحسنية للقضاة وودادية موظفي العدل ونادي قضاة العدل ، وبعض النقابات النشيطة دون التي توقفت عن نضالها السابق لاعتبارات أصبحت معلومة التي استفاد أباطرتها من مكافئات تهم المناصب ، فيما ظلت أخرى تناضل منذ أمد لمواجهة شبح الانفلات قبل أن يقع ، لكنها لم تفلح أمام شطط بعض صناع القرار داخل المؤسسة على حد سواء كل هذه المناوشات وضعت السيد الوزير في مفترق الطرق ، معولين عليه لحماية المؤسسة من الإستنزاف وتفريغ أهدافها ، وصد الأطماع عنها وعن مواردها المالية التي يسيل لها لعاب البعض ، سواءا منها نسب الغرامات التي تحكم بها محاكم المملكة يوميا أو الحساب الخاص .
لكن على مايبدو لن ينقده من هذا الإحراج سوى نهاية ولايته ، وقبل الإنزال المزلزل لقضاة المجلس الأعلى للحسابات ، فالمؤسسة ووزارة العدل غير منزهتان دستوريا عن التدقيق في الحسابات .
وقد يبدو للبعض أن ترسانة الاتفاقيات والأنشطة الترفيهية الموسمية كالمخيمات ، والاهتمام بصفقات الإسمنت والجدران والترميم واقتناء الأراضي، والتجهيزات المطبخية والمكتبية ، والسيارات والحافلات والدرجات النارية ، أن هذه منجزات لايجب تحقيرها ، فيما البعض الآخر يرى أنها هدر للميزانية مادامت الأنشطة القريبة من الحياة اليومية للمنخرط لازالت جد بعيدة المنال، لكون المؤسسة المحمدية لوزارة العدل تعد من أغنى المصالح الاجتماعية ، ولم تصل درجة بعض الجمعيات الاجتماعية الأخرى التي حققت مردودية ناجحة كالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي ما فتئ يواصل مشاريعه السكنية للمنخرطين ،كمشروع ” برنامج السكن الاجتماعي “ووزارة الفلاحة والصيد البحري التي حققت ارتياحا ملموسا للمنخرطين في مجال تحسين وضعية سكنهم وأسرهم ، ووزارة التربية والتعليم التي نجحت في توفير تعاونيات سكنية للأساتذة والعاملين بقطاعها ، والقوات المسلحة الملكية التي خلقت الحدث في مجال تكوين ابناء المنخرطين المهني والعلمي ،ونماذج حية أخرى رائدة ، فما معنى أن يتم استثناء موظفي وقضاة العدل من هذا الشق الحيوي وتسخير الإمكانيات المالية الكبرى فقط للصفقات والمنشآت والمعدات ؟والاقتصار على اتفاقيات البنوك التشاركية وبرنامجي ” عدل سكن و عدل إسكان “وفق شروط مهيئة وحسب قرار لجنة السكن ، فما الفرق ياترى بين اقتناء المؤسسة المحمدية بالمباشر كما السابق للسكن لفائدة منخرطيها والتعاقد مع الابناء ؟هنا وجب البحث عن السر ومن المستفيد هل فعلا المنخرط أم ام جهات أخرى ؟دون أن نغفل عن المشروع السكني اليتيم بحي الرياض الرباط في تسعينيات القرن الماضي الذي أشرف عليه المديرين الراحلين ” سي بركاش وسي الادريسي ” الذي من خلاله وفرت حينها جمعية الأعمال الاجتماعية لقضاة وموظفي العدل ( لم تصل حينها درجة المؤسسة المحمدية ولا الى الموارد المالية الحالية ) مجموعة سكنية راقية في حي جد مميز بالرباط شقق سكنية لبعض المنخرطين من القضاة والموظفين لازالوا يثنون ويدعون بالخير لمن كانوا سببا انقاذهم .
وللإشارة ، فإن الاجتماع الأخير الذي عقد بتاريخ 7أكتوبر بين الكاتب العام لوزارة العدل والمدير العام للمؤسسة ( دون الكاتب العام للمؤسسة ) لمدارسة المذكرة الهامة التي وضعتها الجامعة الوطنية لقطاع العدل ، يرى فيها مهتمون أنها خارطة طريق مميزة شمولية الى حد ما ، على مستوى المنظور المتعلق بالمؤسسة في الشق المتعلق برفض التقسيم وخلق مؤسسات جديدة على حساب المؤسسة الأم التي بذل مستخدموها قصارى الجهود لسنوات وحقب عدة مع مدراء تعاقبوا على تسييرها مذ كانت جمعية ، فيما يعاني حاليا القدماء من المستخدمين او بعضهم وبعضهن سياسة ممنهجة للتحقير والتهميش بل وطرد وخلق مطبات لآخرين لإبعادهم ، وتسليط من يمارس الشطط عليهم بمسميات عدة كقسم الموارد البشرية والقسم التنظيمي بثاء التأنيث ، سرعان ما فطنت نقابة المستخدمين للعبة وبادرت إلى إصدار بلاغ استنكاري تحذيري قبل أيام ، مهددة بالتصعيد إذا ما استمرّ الوضع على ما هو عليه ..

وستستمر مقالات كاب 24 مسلطة الأضواء على كواليس هذه المؤسسة التي لم تستكمل بعد عقدها الأول، وفتح ملفات الصفقات ودفاتر التحملات سيما منها التي لم تحترم التزاماتها ، وطرق محاسبتها ومن يتابعها ولم التزام الصمت حقبة من الزمن وسط هدر حقوق المنخرطين في التمتع بمرافقهم والتساؤل عن الغاية من دفع الانخراطات السنوية التي لم يستفد غالبيتهم حتى من بطاقة الانخراط ، فبالاحرى الاستفادة من الخدمة الاجتماعية ، والتعثر الحاصل في غالبية الأوراش ، وتوقف المركب الرياضي والاصطيافي بالرباط ،ومنهجية توزيع شبكة الموظفين والمستخدمين داخل المؤسسة ومصالحها الخارجية ، وكيفية تمرير وظائف مدراء مراكز الاصطياف الرسميين منهم والمؤقتون وضبط مؤهلاتهم ( مراكش نموذجا ) وأسباب تشكي بعضهم من عدم الاستفادة من الاصطياف فيما آخرون لهم حظوظ شبه سنوية ، كما ادلى بذلك أحد المتقاعدين، الذي أقسم بأغلظ الايمان أنه غادر القطاع دون أن يحظى وأسرته ، او تحظى طلباته العديدة بأي يوم من مراكز الاصطياف ، فهل سيتم إرجاع مبالغ إنخراطه المتوالي ( رغم زهدها ) طيلة مدة اشتغاله بوزارة العدل ؟
يتضح جليا ، أن أمام وزير العدل رئيس مجلس التوجيه والمراقبة تحدي كبير جدا للانتصار على تحقيق المبتغى من مؤسسة تحمل إسم محمد السادس نصره الله وتنزيل ماعقده جلالته من آمال يتطلع اليها القضاة والموظفون على حد سواء .

