لم تمرّ الاحتجاجات التي خرجت من رحم الفضاء الرقمي إلى الشارع المغربي مرور الكرام على الحكومة، إذ دفعت وزير العدل عبد اللطيف وهبي إلى الخروج بتصريحات غير مألوفة، اعترف فيها بأن السلطة ليست معصومة من الخطأ، مؤكداً أن التظاهر السلمي حق دستوري راسخ لا يمكن التشكيك فيه.
حديث وهبي حمل نبرة مختلفة، فهو لم يسعَ إلى تبرير الأحداث بقدر ما حاول تأطيرها في سياق الديمقراطية الناشئة بالمغرب، حيث قال إن ما وقع “طبيعي في أي نظام يختار الانفتاح”، قبل أن يضيف بأن “المشكل ليس في الشارع، بل في الانزلاقات التي قد ترافق بعض التحركات”.
تصريحات الوزير بدت بمثابة مراجعة ذاتية للحكومة، إذ أقر بأن الإنجازات الاجتماعية – وعلى رأسها التغطية الصحية – لم تُلبِّ كل انتظارات الشباب، معتبراً أن “الرسالة وصلت بوضوح”، وأن المرحلة المقبلة تفرض إعادة تقييم السياسات العمومية على ضوء ما كشفته هذه التعبيرات الشعبية.
وبلغة سياسية حذرة، حسم وهبي الجدل حول دعوات إسقاط الحكومة أو تدخل المؤسسة الملكية، مشدداً على أن الدستور هو الفيصل الوحيد، وأن أي تغيير في المشهد السياسي لا يتم عبر الشارع بل عبر الآليات الدستورية والانتخابات.
الوزير لم يُغفل البعد الاجتماعي للأزمة، فعرّج على اختلالات عميقة وصفها بـ”المغرب ذي السرعتين”، حيث تسير الأوراش الكبرى بوتيرة سريعة، بينما تتخلف قطاعات حيوية مثل الصحة التي تعاني نزيفاً بشرياً مع هجرة مئات الأطباء سنوياً.
أما عن الموقوفين، وخاصة القاصرين، فقد حاول وهبي طمأنة الرأي العام بالتأكيد على أن الدولة تتعامل معهم بمنطق قانوني وإنساني، معلناً إصلاحات في المسطرة الجنائية لضمان حماية أكبر لهذه الفئة، ومشدداً على أن “أبناءنا لا يُعاملون بعقلية انتقامية”.
وبين لغة الاعتراف بالأخطاء، والدعوة إلى تصحيح المسار، رسم وزير العدل صورة لمغرب يعيش مخاض التوازن بين الديمقراطية بمخالبها، والسلطة بشجاعتها في مواجهة أخطائها.
