في تطور صحي يثير قلقاً واسعاً، تواجه الصين هذه الأيام انتشاراً متسارعاً لفيروس شيكونغونيا، الذي ينقله البعوض، وتحديداً في مقاطعة غوانغدونغ. مدينة فوشان كانت بؤرة التفشي، حيث تجاوز عدد الإصابات المؤكدة سبعة آلاف حالة منذ مطلع شهر غشت، ما دفع السلطات إلى فرض إجراءات استثنائية تذكّر بصرامة تدابير جائحة كورونا.
التدابير المعلنة تضمنت تخصيص مستشفيات مهيأة بأسِرة تحاط بشبكات وقاية من البعوض، إلى جانب فرض غرامات مالية تصل إلى عشرة آلاف يوان على من يتهاون في مكافحة أماكن تكاثر الحشرات، مثل ترك المياه الراكدة دون معالجة. وفي بعض الحالات، تم قطع التيار الكهربائي عن المنشآت التي تجاهلت التعليمات.
غير أن ما لفت الانتباه هو لجوء السلطات إلى التكنولوجيا الميدانية، عبر استخدام الطائرات المسيّرة لتحديد بؤر تكاثر البعوض ورش المبيدات على نطاق واسع، فضلاً عن جمع عينات دم من الأطفال خلال الليل، وهو إجراء أثار حفيظة السكان واعتبره البعض تجاوزاً للحقوق الفردية، فيما شبّهه آخرون بأجواء الإغلاق القسري خلال أزمة كوفيد-19.
فيروس شيكونغونيا، رغم أنه نادراً ما يكون قاتلاً، يسبب حمى حادة وآلاماً شديدة في المفاصل وطفحاً جلدياً، وينتقل حصراً عبر لسعات بعوضة Aedes aegypti، وهي نفس الناقلة لحمى الضنك وفيروس زيكا.
ويرى مختصون أن تفشيه الحالي في الصين لا ينفصل عن عوامل أوسع مثل التغير المناخي، والتمدن السريع، وضعف البنية التحتية البيئية.
حتى اللحظة، لم تُعلن بكين عن حجر صحي شامل، لكن اقتصار الإجراءات على المدن الأكثر تضرراً يثير تساؤلات حول جاهزية المنظومة الصحية لمواجهة موجات وبائية مستقبلية، وحول كيفية تحقيق التوازن بين الحماية الصحية وضمان الحريات الأساسية.

