عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليثير الجدل مجددًا خلال قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي انعقدت مساء أمس الأربعاء، بمدينة لاهاي الهولندية، حين شنّ هجومًا لاذعًا على إسبانيا بسبب ما وصفه بـ”فشلها في الالتزام بالتعهدات الدفاعية داخل الحلف”، ملوحًا بفرض تعريفات جمركية قاسية إذا لم تستجب مدريد لمطالب رفع إنفاقها العسكري إلى المستوى المتفق عليه.
ووجّه ترامب خلال مؤتمر صحفي كلمات مباشرة ضد الحكومة الإسبانية، واصفًا إياها بـ”الدولة الوحيدة التي ترفض دفع مساهماتها”، ومضيفًا: “سأطلب منهم تحمل مسؤولياتهم، وإلا فسيدفعون الثمن”.
ولمّح الرئيس الأميركي إلى عزمه التفاوض شخصيًا مع السلطات الإسبانية، مستغلًا ما وصفه بـ”الصفقة التجارية الجيدة على الطاولة”، متوعدًا بأن تصبح الكلفة مضاعفة إذا ما استمرّ الوضع على حاله.
وفي الوقت نفسه، شدد ترامب على أنه يكنّ احترامًا للشعب الإسباني، قائلاً: “لدي العديد من الأصدقاء هناك”.
تأتي تصريحات ترامب بعد تبني قادة الحلف الأطلسي لقرار تاريخي يقضي برفع الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة عضو بحلول عام 2035، وهو ما يشمل 3.5% مخصصة للمتطلبات الدفاعية المباشرة، و1.5% إضافية موجهة للبنية الأمنية، والبنية التحتية الحيوية، ودعم الصناعة الدفاعية في مواجهة ما وصف بـ”التهديد الروسي المستمر” و”الخطر الإرهابي المتجدد”.
هذا الالتزام يأتي بعد سنوات من المطالبة الأميركية برفع مستوى مساهمة الأوروبيين في عبء الدفاع المشترك.
وفي سياق متصل، فتح ترامب باب التصعيد مجددًا في الشرق الأوسط، ملوّحًا بإمكانية استئناف القتال بين إيران وإسرائيل، رغم ما وصفه بـ”الإنهاك” الذي أصاب الطرفين جراء المواجهات الأخيرة.
وقال ترامب: “هل يمكن أن يبدأ ذلك من جديد؟ أعتقد أن ذلك ممكن، وربما يحدث قريبًا”، مضيفًا أن طهران تملك ورقة قوة عبر احتياطياتها النفطية، لكنه عبّر عن أمل ضئيل في عودة المفاوضات، مشيرًا إلى أنه لا يعتقد أن إيران ستعود لتخصيب اليورانيوم في الظروف الحالية.
تصريحات ترامب في لاهاي تعكس بوضوح عودته إلى نهج الضغط المباشر على الحلفاء والخصوم على حد سواء، في وقت تمر فيه العلاقات الدولية بمرحلة دقيقة من التوترات الجيوسياسية، والصراعات التجارية، والحروب المستنزفة.
وبينما يواجه الأوروبيون ضغوطًا غير مسبوقة لإعادة تسليح أنفسهم وفق النموذج الأميركي، لا تزال ملفات الشرق الأوسط مؤجلة لكنها قابلة للاشتعال في أي لحظة.