لم يعد مشهد “التروتينت” الكهربائية وهي تنساب بين السيارات أو على الأرصفة غريبًا في شوارع الرباط أو طنجة أو مراكش، حيث بات كل من الشباب والموظفين، وحتى التلاميذ، -باتوا- يعتمدون عليها كوسيلة تنقل يومية، لكن كل هذا كان يجري وسط فراغ قانوني جعل من هذه المركبات “موجودة وغير موجودة” في الوقت نفسه.
اليوم، قررت الحكومة إنهاء هذا الغموض، حيث صادقت اليوم الخميس 19 يونيو 2025، على مشروع مرسوم جديد يعدّل مدونة السير، ليشمل رسميًا مركبات التنقل الفردي بمحرك، وعلى رأسها “التروتينت” والدراجات الكهربائية.
هذا القرار الذي قدّمه وزير النقل واللوجيستيك، عبد الصمد قيوح، يأتي في سياق محاولة جادة لإدماج واقع الشارع المغربي ضمن النصوص القانونية مع المستجدات التقنية والاجتماعية التي أصبحت تفرض نفسها في الفضاء الحضري المغربي، بما يعزز السلامة الطرقية ويساهم في تنظيم حركة السير بشكل أكثر فعالية.
ويتضمن مشروع المرسوم مقتضيات جديدة تُدرج لأول مرة تعريفات قانونية لمفاهيم “مركبة التنقل الشخصي بمحرك” و”الدراجة بدوس مساعد”، إضافة إلى تحديد الخصائص التقنية الواجب توفرها في هذه الوسائل، من حيث الوزن، الأبعاد، وأنظمة الأمان، لضمان حماية مستخدميها وسلامة باقي مستعملي الطريق، ولا سيما الراجلين.
كما ينص المرسوم على منح السلطة الحكومية المكلفة بالنقل صلاحية تحديد وتعديل هذه الخصائص بموجب قرارات تنظيمية لاحقة، إلى جانب التنصيص على ضرورة تجهيز هذه المركبات بأنظمة متطورة للمساعدة على السياقة، وهو إجراء يهدف إلى الحد من الحوادث وتعزيز انضباط هذه الوسائل داخل المجال الحضري.
ويُرتقب أن تواكب الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية عملية تنزيل هذه المقتضيات الجديدة من خلال تبسيط المساطر الإدارية الخاصة بالتسجيل والترخيص، وتوفير الإطار التنظيمي المناسب لتقنين استخدام هذه الوسائل الحديثة بطريقة تحافظ على النظام العام وتحمي الأرواح والممتلكات.
هذا المرسوم يأتي في سياق دينامية إصلاحية أوسع، تسعى من خلالها الحكومة إلى تحديث مدونة السير وجعلها أكثر قدرة على الاستجابة لتحديات التنقل العصري، وضمان انسجامها مع المعايير الدولية المعتمدة في مجال السلامة الطرقية وتنظيم حركة المرور داخل المدن.
ويُنتظر أن يُحدث هذا التعديل أثرًا مباشرًا في الحياة اليومية للمواطنين، من خلال تقنين استعمال مركبات لطالما ظلت خارج التغطية القانونية، ما من شأنه أن يُسهم في تقليص الفوضى المرتبطة بها وتحسين جودة التنقل داخل الفضاءات الحضرية.

