في ظل زوبعة الاتهامات التي هزّت مصداقية الجامعة المغربية، خرج وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، ليكشف ملامح خطة وزارية “إنقاذية”، تهدف إلى تطويق تداعيات قضية التلاعب بالشواهد الجامعية التي تفجرت انطلاقاً من جامعة ابن زهر بأكادير.
الوزير، في جلسة برلمانية مشحونة يوم الثلاثاء 2 يونيو 2025، أكد أن وزارته منكبّة على إعادة هيكلة شاملة لمنظومة الشواهد الجامعية، عبر تطوير نظام معلوماتي مدمج لتدبير المسارات الجامعية بشكل أكثر شفافية ورقابة.
وقال ميداوي في هذا الصدد، إن هذا النظام سيسدّ الثغرات التي كانت تستغل في تضخيم السجلات الأكاديمية بطرق مشبوهة، مضيفاً أن مصداقية الشهادة المغربية “ليست محل مساومة”.
القضاء أولاً.. ثم المحاسبة
في إشارة إلى القضية التي يتابع فيها الأستاذ الجامعي أحمد قليش، أوضح الوزير أن الملف معروض أمام القضاء، وأن الوزارة التزمت بالإجراءات القانونية من خلال الإيقاف الاحترازي للمشتبه فيهما فور التوصل بالإخبار، مع تأكيده على أن السلطة القضائية هي الوحيدة المخولة للفصل النهائي.
وفي سياق التحقيق الإداري، كشف الوزير عن إرسال لجنة تفتيش مركزية إلى عدة كليات تابعة لجامعة ابن زهر، بما فيها كليتا الحقوق بآيت ملول وأكادير، وكلية الآداب، حيث تم الاستماع إلى عدد من المسؤولين والأساتذة، وجمع معطيات بيداغوجية ورقمية حول مسالك الإجازة والماستر والدكتوراه.
شبح “الماستر مقابل المال” يعود للواجهة

رغم تأكيد الوزير على “سير الامتحانات الربيعية في أجواء عادية”، إلا أن القضية أعادت للأذهان حالات سابقة من شبهات “بيع المقاعد في الماستر”، واستغلال النفوذ الأكاديمي لخدمة مصالح ضيقة، ما يضع الجامعة اليوم أمام تحدي استعادة الثقة.
ميداوي لم يخفِ حدة الموقف، مشيراً إلى إعداد تقرير مفصل من قبل المفتشية العامة، سيتضمن توصيات لتعزيز آليات المراقبة الداخلية، وتحسين الحكامة على المستويين الإداري والبيداغوجي، و”التصدي الحازم لكل من يعبث بصورة الجامعة”.
ميثاق الثقة في الجامعة.. هل يستعاد؟
في مقابل التحركات الزجرية، شدد الوزير على المقاربة القيمية، داعياً إلى ترسيخ أخلاقيات الحياة الجامعية بين الطلبة والأساتذة والإداريين، من خلال برامج تكوين وتحسيس، تُواكب التدابير التقنية والرقابية. وقال إن هذه الانزلاقات، مهما كانت خطورتها، لا تعكس “الصورة العامة” للجامعة المغربية التي قال إنها ما زالت تحتفظ بـ”كفاءات رفيعة”، على المستويين الوطني والدولي.
إصلاح شامل.. أم رد فعل ظرفي؟
الوزير أكد عزم وزارته على مواصلة إصلاح التعليم العالي في شموليته، مبرزاً توجه الوزارة نحو تحديث الإطار القانوني للتكوينات الجامعية، وتكريس مبدأ الاستحقاق والشفافية في الانتقاء، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
ورغم هذه التصريحات، يظل التساؤل مطروحاً حول مدى قدرة الوزارة على تنفيذ هذه الإصلاحات وسط تعددية الفاعلين وتضارب المصالح داخل الحقل الجامعي، ما يفرض – حسب مراقبين – ضرورة التزام حقيقي من كل الأطراف، من أساتذة وطلبة وإداريين ومجتمع مدني، لحماية ما تبقى من صورة الجامعة العمومية في المغرب.