خلاف دبلوماسي يتفاقم.. مسؤولون جزائريون مهددون بتجميد ممتلكاتهم في فرنسا
تعيش العلاقات الفرنسية الجزائرية واحدة من أكثر مراحلها حساسية في السنوات الأخيرة، بعد أن كشفت مجلة L’Express أن باريس تدرس بجدية فرض عقوبات مالية على عدد من كبار المسؤولين الجزائريين الذين يمتلكون أصولاً داخل التراب الفرنسي.
التقرير، الذي يستند إلى مصادر حكومية فرنسية، أشار إلى أن وزارتي الاقتصاد والداخلية أعدّتا لائحة تشمل حوالي عشرين شخصية نافذة في دوائر السلطة الجزائرية، تضم مسؤولين سياسيين وأمنيين كبارًا، وذلك في إطار ما وصفته المجلة بـ”خيار الرد المحتمل” في حال تصاعدت الخلافات الدبلوماسية بين البلدين.
تجميد الممتلكات أو حجز الأصول العقارية لا يزال خطوة غير مفعلة، لكنه يبقى أداة ضغط تسعى من خلالها باريس إلى التأثير على مواقف الجزائر.
هذا التحرك يأتي بعد قرار فرنسي رسمي يوم 16 ماي 2025 بتعليق العمل باتفاقية 2007 التي كانت تعفي حاملي الجوازات الدبلوماسية من تأشيرة الدخول، وهي خطوة فُسّرت كأول إجراء عملي ضمن سلسلة توترات تتراكم منذ أشهر.
السلطات الفرنسية لا تملك إطارًا قانونيًا أوروبيًا مشابهًا لما تم تطبيقه ضد الأوليغارشيين الروس، غير أنها تدرس تفعيل نص قانوني داخلي تم إدراجه مؤخرًا في التشريعات الوطنية، وتحديدًا المادة L562-1 من القانون النقدي والمالي، والتي أصبحت سارية منذ يوليوز 2024.
هذه المادة، المدرجة ضمن قانون مكافحة التدخلات الأجنبية، تتيح للدولة تجميد أصول أفراد يُعتقد أنهم يمارسون “أعمال تدخل” لصالح قوة أجنبية تمس بالمصالح العليا للأمة الفرنسية، دون الحاجة لإثبات صلة مباشرة بالإرهاب كما كان الحال في السابق.
تحديد مفهوم “أعمال التدخل” يظل مرنًا إلى حد كبير، ما يمنح السلطات مساحة للتقدير السياسي في التفعيل، لكن في الوقت ذاته يفرض عليها عبء الإثبات القانوني أمام الجهات القضائية والإدارية المختصة.
المحامي الفرنسي المتخصص رونو دو لاغل رأى أن تفعيل هذه العقوبات في السياق الجزائري ليس مستحيلًا، لكنه يتطلب أدلة واضحة على أفعال يمكن تصنيفها كتهديد مباشر لفرنسا، مثل تعطيل مصالح قنصلية أو التورط في حملات تجسس أو دعم عناصر معادية.
القائمة التي أُعدّت ليست للعلنية في الوقت الحالي، لكنها قد تُستخدم كورقة ضغط في مفاوضات خلف الكواليس، خصوصًا أن العدد الإجمالي الذي تقدّره باريس للنخبة الجزائرية المالكة لأملاك أو حسابات في فرنسا يتجاوز 800 شخص، وفق نفس التقرير.
الشخصيات المستهدفة، بحسب التسريبات، تشمل مسؤولين يُعتقد أنهم على صلة بملفات حساسة، من بينها قضية المعارض أمير بوخرص، أو يُشتبه بتورطهم في تعطيل التعاون القنصلي خلال فترات التوتر الأخيرة.
الرسالة الفرنسية تبدو واضحة، فالتصعيد السياسي ستكون له كلفة شخصية على بعض رموز السلطة الجزائرية، خاصة أولئك الذين يحتفظون بعلاقات مالية أو عائلية بفرنسا، لكن في المقابل، تؤكد L’Express أن باريس لا تسعى بالضرورة إلى تفعيل العقوبات بقدر ما تستخدمها كورقة ردع استباقي، تفادياً لوصول العلاقات إلى نقطة اللاعودة.
نشر أسماء الشخصيات المعنية، إن حدث، سيكون بمثابة كسر للخطوط الحمراء في العلاقات الثنائية، وقد يُحدث قطيعة دبلوماسية يصعب ترميمها على المدى القصير.