في خطوة استراتيجية تعكس طموح المغرب نحو ترسيخ مكانته كقوة بحرية صاعدة في شمال إفريقيا، تتواصل بوتيرة متسارعة أعمال بناء سفينة دورية متطورة من طراز “أفانتي 1800” لفائدة البحرية الملكية، داخل أحواض شركة “نافانتيا” المتخصصة في الصناعات الدفاعية البحرية بمدينة سان فرناندو الإسبانية.
السفينة، التي يُنتظر تسليمها سنة 2026، تندرج ضمن رؤية المغرب لتعزيز أمنه البحري وتوسيع قدراته العملياتية في المراقبة وحماية السواحل، في وقت تتزايد فيه التهديدات العابرة للحدود وتشتد المنافسة الإقليمية على الممرات البحرية الاستراتيجية.
مشروع “أفانتي 1800” يمثل عودة التعاون المغربي الإسباني في مجال الصناعات الحربية البحرية بعد انقطاع دام حوالي أربعة عقود، منذ آخر صفقة بين الطرفين سنة 1983، والتي أسفرت حينها عن تسليم الفرقاطة “المقدم الرحماني”.
واليوم، تعود المياه إلى مجاريها بصفقة تبلغ قيمتها الإجمالية 130 مليون يورو، ساهم فيها بنك “سانتاندير” بقرض قدره 95 مليون يورو، بحسب ما أُعلن عنه في شتنبر 2022.
وبحسب تقرير نشره موقع Defensa المتخصص، فإن تقدم الأشغال أصبح ملحوظاً، خاصة بعد تركيب الهيكل الأساسي وتثبيت الصاري الرئيسي، إلى جانب الجزء المخصص لمهبط الطائرات.

كما أشار التقرير إلى أن السفينة تحمل رقم البناء 565 ضمن سجل مشاريع شركة نافانتيا، مما يعكس أهمية هذا الورش داخل إستراتيجيتها الصناعية.
من حيث المواصفات التقنية، فإن “أفانتي 1800” تُعد قطعة بحرية متعددة المهام، يصل طولها إلى 87 متراً، وعرضها إلى 13 متراً، بغاطس يبلغ أربعة أمتار، وإزاحة تصل إلى 2020 طناً.
كما ستكون قادرة على استقبال طائرات مروحية أو درونات (UAS)، ومجهزة بزورقين سريعين من نوع RHIB، ما يعزز من مرونتها في المهام المختلفة.
المنظومة المحركة للسفينة ستكون من نوع CODAD، معتمدة على أربعة محركات ديزل قوية من طراز MAN 175D، مدعومة بخمسة مولدات كهربائية من نوع Baudouin 6 M26.3، ما يمكنها من بلوغ سرعة قصوى تقدر بـ24 عقدة بحرية، وهو رقم مهم في فئة السفن الدورية.
أما بخصوص التسلح، ورغم أن الشركة المصنعة لم تكشف بعد عن التفاصيل النهائية، إلا أن تصميم “أفانتي 1800” يسمح بتجهيزها بمدفع رئيسي من عيار 76 أو 57 ملم، إلى جانب إمكانية إدماج أسلحة خفيفة يتم التحكم فيها عن بُعد، وصواريخ متعددة الاستخدامات، مما يجعل منها منصة قتال بحرية متقدمة.
هذا المشروع، وإن بدا في ظاهره صفقة صناعية، إلا أنه يحمل في طياته أبعاداً استراتيجية، إذ يعكس رغبة المغرب في تنويع شركائه الدفاعيين وتحديث أسطوله الحربي بما يتلاءم مع متطلبات المرحلة، كما يُظهر ثقة متجددة بين الرباط ومدريد في مجالات حساسة، في وقت تعرف فيه العلاقات بين البلدين تحولات عميقة في ملفات الأمن والهجرة والطاقة.