في تصريح مثير للجدل، أعلن عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، رفضه القاطع للملاحظات الصادرة عن كل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة بشأن مشروع قانون المسطرة الجنائية.
وأكد وهبي أن هذه الآراء التي انتقدت التعديلات المقترحة، وخاصة المادة 3 التي تتعلق بالجرائم المالية، غير ملزمة، مبرزًا أن المؤسسات الدستورية لا تملك الحق في التدخل في المجال التشريعي.
هذا الموقف جاء خلال يوم دراسي حول مشروع قانون المسطرة الجنائية نظمته فريقي الاتحاد الاشتراكي في البرلمان، بحضور نقباء ومحامين، حيث تم تسليط الضوء على دور المؤسسات الدستورية في العمل التشريعي وتطور النظام القانوني في البلاد.

وقال الوزير في هذا الصدد: “يجب أن نعرف حدود دور المؤسسات الدستورية. لا يحق لها التدخل في نصوص تشريعية لا تخصها، فالبرلمان هو الجهة الوحيدة المخولة بذلك، مؤكدا في الآن ذاته أن التدخلات المستمرة من هذه المؤسسات في مسائل تخرج عن اختصاصها تشكل تجاوزًا صارخًا للحدود الدستورية.
وفي معرض رده على منتقديه، تساءل وهبي عن الجهة التي تحدد “نية المشرع” عندما يترجم القضاء النصوص القانونية، واصفًا هذا النوع من الاجتهاد القضائي بـ”التهديد الحقيقي” للديمقراطية، مؤكدا أن التفسير الشخصي للنصوص قد يعطل مبدأ الشرعية القانونية، ويمنح القاضي سلطات لا يحق له امتلاكها.
وزير العدل اعتبر أن مشروع قانون المسطرة الجنائية هو من بين أعمق وأهم النصوص القانونية التي تتطلب مناقشة شاملة، مؤكدًا أنه لا يمكن أن يتم قبوله أو رفضه على أساس فصول معينة. بل يجب النظر إليه ككل، وذلك لأنه يعكس فلسفة وتشريعات واضحة تترجم توجهات النظام القانوني في البلاد، قائلا : “نحن بحاجة إلى مناقشة جادة حول الديمقراطية في بلادنا، ومن غير الممكن أن نسمح لأي طرف بتحديد نصوص على هواه دون أن تكون هناك دراسة معمقة من السلطة التشريعية نفسها.”
وهبي ختم مداخلته مشيرًا إلى أن نصوص قانون المسطرة الجنائية تمثل أساس النظام القضائي في أي دولة ديمقراطية، ومن هنا تأتي أهميتها في ضمان محاكمة عادلة وحماية الحقوق والحريات.