في مشهد يعكس تصاعد التوتر الدبلوماسي بين مالي والجزائر، شهدت العاصمة المالية باماكو، أمي السبت 12 أبريل، تظاهرة حاشدة شارك فيها مئات المواطنين، للتعبير عن رفضهم لما وصفوه بـ”العدوان الجزائري” بعد اتهام الجيش الجزائري بإسقاط طائرة مسيّرة تابعة للقوات المالية داخل أراضي مالي.
الاحتجاج الذي نظمه “المجلس الوطني للشباب”، والذي يعتبر مظلة جامعة لمختلف الحركات الشبابية والمنظمات المدنية، يأتي ضمن موجة غضب شعبي متزايد تجاه ما تعتبره باماكو تدخلات جزائرية متكررة في شؤونها السيادية.
وفي وقت سارعت الجزائر إلى نفي الاتهامات “الخطيرة”، مستندة إلى معطيات الرادار التي تُظهر – وفق وزارة الدفاع الجزائرية – اختراقًا للطائرة المالية للمجال الجوي الجزائري، أكدت السلطات المالية أن التحقيقات التي أجرتها “خلصت بيقين مطلق” إلى أن الطائرة المسيّرة أسقطت نتيجة “هجوم متعمد” نفذته القوات الجزائرية.

رئيس المجلس الوطني للشباب، سوري إبراهيم سيسيه، عبّر خلال التجمع عن غضب الشباب المالي قائلاً: “جئنا لندعم سلطاتنا الوطنية ضد العدوان. الجزائر لطالما لعبت دورًا مزدوجًا مع مالي، ونطالب بعلاقات قائمة على الصراحة والندية لمواجهة الإرهاب الذي يهدد البلدين”.
حادثة إسقاط الطائرة المسيّرة ليست سوى فصلاً جديدًا في التدهور السريع للعلاقات بين الجزائر وباماكو، حيث تتهم السلطات المالية جارتها الشرقية بإقامة علاقات مع جماعات مسلحة تنشط على الحدود المشتركة، خاصة في مناطق الشمال التي شهدت مواجهات دامية الصيف الماضي.
وفي خطاب لافت خلال التظاهرة، اتهم سيسيه الجزائر بـ”تحولها إلى قاعدة جوية تدعم الإرهاب والتمرد”، في إشارة مباشرة إلى ما تعتبره باماكو دعمًا جزائريًا غير معلن للفصائل المسلحة المناهضة للدولة.
هذا التوتر يعيد إلى الواجهة مصير اتفاق السلام الموقع في الجزائر عام 2015، والذي لطالما اعتُبر دعامة أساسية لاستقرار شمال مالي. فبعد سنوات من التفاهم النسبي، يبدو أن ثقة باماكو في دور الجزائر كوسيط محايد بدأت تتآكل، خاصة في ظل تصاعد الاشتباكات وتزايد الحديث عن تدخلات خارجية تؤجج النزاع.