بعد سنوات من الإغلاق، شهد معبر “تاراخال” بسبتة المحتلة أول رحلة تجارية رسمية بين المغرب وإسبانيا، حيث تمكنت شاحنة محملة بمواد صناعة السيارات من العبور إلى الأراضي المغربية بعد استكمال الوثائق والإجراءات الجمركية.
هذه الخطوة، التي أشرف عليها الوفد الحكومي الإسباني بقيادة كريستينا بيريز، تمثل تحولًا مهمًا في العلاقات التجارية بين البلدين، وتفتح المجال أمام استئناف التبادل التجاري عبر الجمارك بشكل منظم.
ورغم أن الجمارك التجارية في مليلية استأنفت نشاطها في يناير الماضي بعد إغلاقها منذ 2018، إلا أن سبتة شهدت تأخيرًا في تنفيذ الاتفاق.
وقد عرفت المحاولات الأولى لعبور الشاحنات عبر المعبر عقبات تقنية حالت دون نجاحها، قبل أن يتم تتجاوزها أخيرًا، ما أتاح استكمال أول عملية تجارية رسمية بين الضفتين.
المغرب، الذي فرض شروطًا جديدة لتنظيم المبادلات عبر معبري سبتة ومليلية، حدد قائمة المنتجات التي يُسمح بمرورها، بينما تم استبعاد نقل البضائع عبر نظام المسافرين في هذه المرحلة.

وتشمل المنتجات التي سيتم تصديرها إلى مليلية الفواكه والخضروات والأسماك والمواد الخام، في حين أن الواردات ستخضع لمعايير خاصة تضعها السلطات المغربية، وفق ما كشفته تقارير إعلامية.
هذه الإجراءات أثارت ردود فعل متباينة في الأوساط الإسبانية، حيث انتقد خوسيه ماريا فيغاريدو، الأمين العام لحزب فوكس في مجلس النواب الإسباني، السياسات الحكومية، متهمًا رئيس الوزراء بيدرو سانشيز بـ”التنازل عن الحدود الجمركية” لصالح المغرب، مشيرًا إلى أن هذا الاتفاق قد يمنح المنتجات المغربية امتيازات أكبر في السوق الإسبانية، مقابل قيود على السلع القادمة من إسبانيا.
من جانبه، أعرب خوان خوسيه إيمبرودا، رئيس مليلية المحتلة عن حزب الشعب الإسباني، عن مخاوفه من أن تؤدي هذه التغييرات إلى “تفريغ مليلية من هويتها الاقتصادية”، معتبرًا أن الاتفاق الجديد قد يحولها إلى “مدينة مغربية أخرى”.
في ظل هذه المستجدات، يبدو أن المغرب تمكن من إعادة هيكلة التبادل التجاري عبر سبتة ومليلية وفق رؤية جديدة تعزز سيادته على ملف الجمارك، وتضمن تحكمًا أكبر في تدفق السلع.
وبينما يفتح استئناف العمليات التجارية عبر معبر “تاراخال” صفحة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين الرباط ومدريد، يبقى التحدي الأكبر هو التوفيق بين المصالح الاقتصادية لكلا الطرفين في ظل المتغيرات السياسية والجيوستراتيجية التي تحكم المنطقة.