Ilayki invest

توجيهات جديدة من رئاسة النيابة العامة حول العقوبات البديلة

0

في خطوة هامة نحو تحديث نظام العدالة الجنائية، أصدرت رئاسة النيابة العامة، تحت قيادة الحسن الداكي، توجيهات دقيقة لفرق النيابة العامة المكلفة بتنفيذ العقوبات البديلة.

هذه التوجيهات جاءت بعد دخول القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة حيز التنفيذ في 22 غشت 2023، وهو القانون الذي يهدف إلى توفير بدائل عن العقوبات السالبة للحرية، مثل العمل من أجل المنفعة العامة والمراقبة الإلكترونية.

هذه المبادرة تعكس توجهًا نحو تخفيف عبء السجون مع الحفاظ على فاعلية النظام العقابي، بالإضافة إلى ضمان حقوق المحكوم عليهم في إطار منظم.

العقوبات البديلة: مفهوم جديد في النظام القضائي المغربي

القانون رقم 43.22 يهدف إلى تعزيز تطبيق العقوبات البديلة كحلول مرنة تتماشى مع واقع المجتمع المغربي، فأبرز هذه العقوبات تشمل العمل من أجل المنفعة العامة، وهو عقوبة تهدف إلى إدماج المحكوم عليهم في المجتمع عبر أداء أعمال تطوعية لخدمة المصلحة العامة.

كما يتضمن القانون المراقبة الإلكترونية كبديل آخر للعقوبات السجنية، مما يسمح للمحكوم عليهم بتفادي السجن مقابل الخضوع لمراقبة مشددة بواسطة أجهزة إلكترونية.

هذه العقوبات تأتي كبديل للعقوبات التقليدية التي تؤدي في الكثير من الأحيان إلى اكتظاظ السجون وغياب الفرص للتهذيب والتأهيل الفعّال، غير أن تنفيذ هذه العقوبات يتطلب مراقبة دقيقة لضمان نجاح التجربة وضمان عدم استغلال هذه البدائل في غير ما هو منصوص عليه قانوناً.

دور النيابة العامة في تنفيذ العقوبات البديلة

في إطار تنفيذ هذا القانون، أكدت دورية رئيس النيابة العامة على أهمية الدور الذي يجب أن تلعبه النيابة العامة في متابعة تنفيذ العقوبات البديلة، فهي مسؤولة عن اتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة بعد صدور حكم المحكمة القاضي بالعقوبة البديلة…  على سبيل المثال، يجب على الوكيل العام أو وكيل الملك مباشرة الإجراءات الضرورية خلال خمسة أيام من صدور الحكم، وهو ما يضمن عدم تأخير تنفيذ العقوبة.

وبالنسبة للعقوبة المتمثلة في العمل من أجل المنفعة العامة، يجب أن يقوم وكيل الملك بالاطلاع على السجل الخاص في المؤسسات المعنية لتنفيذ هذه العقوبات.

السجل يجب أن يتضمن هوية المحكوم عليه وساعات العمل التي أداها، بالإضافة إلى توقيعه الشخصي، مما يضمن شفافية تنفيذ العقوبة.

المراقبة الإلكترونية: أداة فعّالة ولكن مشروطة

بالنسبة للمراقبة الإلكترونية، فقد أكدت الدورية أن النيابة العامة تتحمل المسؤولية في ضمان سير إجراءات التنفيذ بطريقة سليمة. من مهام النيابة العامة متابعة تقارير الإدارة المكلفة بالسجون حول مدى التزام المحكوم عليه بشروط المراقبة الإلكترونية، ويمكن للنيابة أن تتخذ التدابير اللازمة في حال وجود خلل في التنفيذ.

تجدر الإشارة إلى أنه في حال كانت المراقبة الإلكترونية تؤثر سلبًا على صحة المحكوم عليه، يحق لقاضي تطبيق العقوبات، بناءً على الفحص الطبي، أن يقرر تعديل العقوبة البديلة أو حتى استبدالها بعقوبة أخرى، مع مراعاة الظروف الصحية والاجتماعية للمحكوم عليه.

تحديات وآفاق العقوبات البديلة

على الرغم من الجهود المبذولة لضمان تطبيق القانون رقم 43.22 بشكل سليم، تظل هناك بعض التحديات التي قد تواجه هذه التجربة، أبرزها الحاجة إلى مزيد من الوعي لدى مختلف الفاعلين في المنظومة القضائية حول أهمية هذه العقوبات البديلة وطرق تطبيقها بفعالية.

كما أن متابعة تنفيذ هذه العقوبات تتطلب تنسيقًا مستمرًا بين مختلف المؤسسات، مثل السجون والمراكز التي تقوم بتنفيذ العقوبات والمجلس القضائي.

علاوة على ذلك، يحتاج المحكوم عليهم إلى التأهيل الاجتماعي والنفسي لضمان إعادة اندماجهم في المجتمع، وهو ما يتطلب تفعيل برامج تدريبية وداعمة للمحكوم عليهم أثناء تنفيذ العقوبات البديلة.

يمكن اعتبار العقوبات البديلة خطوة هامة نحو إصلاح النظام القضائي في المغرب، إذ إنها تقدم حلولًا أكثر مرونة وعملية مقارنة بالعقوبات السجنية التقليدية، ومع ذلك، فإن نجاح هذه التجربة يتوقف على التنفيذ الفعّال لهذه التوجيهات، ومتابعة الإجراءات عن كثب من قبل النيابة العامة والجهات المعنية، لضمان تحقيق العدالة والمساهمة في إعادة تأهيل المحكوم عليهم ودمجهم في المجتمع بشكل آمن وفعّال.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.