تشهد العلاقات المغربية الإيرانية تطورات ملحوظة في الآونة الأخيرة، حيث تشير التقارير إلى وجود جهود دبلوماسية خليجية لتطبيع العلاقات بين البلدين بعد قطيعة استمرت ست سنوات.
هذه المحاولات تتخذ شكل وساطات غير مباشرة عبر سلطنة عمان ودول خليجية أخرى، وتركز على تجاوز نقاط الخلاف التي أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية منط عام 2018.
الخلفية: القطيعة الدبلوماسية
في عام 2018، أعلنت المملكة المغربية عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وذلك على خلفية دعم طهران لجبهة البوليساريو، التي تعتبرها المملكة المغربية حركة انفصالية تهدد وحدة أراضيها.
المغرب اتهم إيران بتمويل وتدريب عناصر من جماعة البوليساريو عبر ميليشيا “حزب الله” اللبناني، مما اعتبرته تدخلاً في شؤونه الداخلية.
هذه الأزمة أسفرت عن توتر كبير بين البلدين، مما دفع المغرب إلى اتخاذ خطوة قطع العلاقات الدبلوماسية، وهو ما لقي دعمًا من دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية التي أبدت تضامنها مع المغرب في هذا القرار.
الوساطة الخليجية: دور سلطنة عمان
في محاولة لإصلاح هذه العلاقات، تكشفت تقارير صحفية تفيد بوجود وساطة خليجية جادة، يقودها بشكل رئيسي سلطان عمان التي تعتبر لاعبًا محايدًا في السياسة الإقليمية حيث تلعب دورًا أساسيًا في تقريب وجهات النظر بين المغرب وإيران.
بحسب مصادر دبلوماسية، تم تبادل رسائل ومشاورات غير مباشرة بين البلدين على مدار الأشهر الماضية، حيث كانت هذه المفاوضات محاطة بسرية تامة.
الشروط المغربية
بحسب ما ذكرته وكالة “سبوتنيك” الروسية، فإن المملكة المغربية وضعت عدة شروط لاستعادة العلاقات مع إيران، من أبرزها:
- سحب الدعم لجبهة البوليساريو: يشدد المغرب على ضرورة أن توقف إيران دعمها لجبهة البوليساريو وتوقف تسليحها أو تدريب عناصرها، وهو شرط يعتبر حجر الزاوية في أي تسوية محتملة، نظرًا لأن دعم المغرب لوحدة أراضيه يعتبر قضية استراتيجية وأمنية بالغة الأهمية.
- الامتناع عن التدخل في منطقة الساحل: المغرب يعتبر منطقة الساحل جزءًا من عمقه الاستراتيجي. لذلك، يرفض أي تحركات إيرانية في هذه المنطقة، وهو أمر يتقاطع مع القلق المغربي من تأثيرات النفوذ الإيراني على الأمن في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
- الأمن الديني والروحي: يصر المغرب على أن “الأمن الديني والروحي” هو مسألة أمن قومي مرتبطة مباشرة بمؤسسة إمارة المؤمنين، التي يتزعمها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حيث ترى المملكة أن أي تدخل إيراني في شؤون الدين أو في المؤسسات الدينية داخل المملكة يشكل تهديدًا لسيادته الداخلية.
مواقف دول الخليج
دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، أكدت دعمها للمغرب في هذه القضية، وأدانت بشكل صريح التدخلات الإيرانية في الشؤون المغربية.
في مايو 2018، عبر مسؤول سعودي عن تضامن بلاده مع المملكة المغربية في مواجهة التدخلات الإيرانية، مشيرًا إلى أن السعودية تقف إلى جانب المغرب في الحفاظ على وحدته الترابية وأمنه الداخلي.
هذا الموقف الخليجي كان له دور كبير في تعزيز الموقف المغربي في الساحة الدولية ودعمه في مسألة قطع العلاقات مع طهران.
التوقعات المستقبلية
رغم التقدم الملموس في المحادثات غير المباشرة، إلا أنه لا توجد مؤشرات قوية على إعادة العلاقات بين البلدين في القريب العاجل، حيث أن المغرب لا يزال متمسكًا بشروطه، وخاصة فيما يتعلق بسحب الدعم الإيراني للبوليساريو.
من جهة أخرى، إيران التي تواجه تحديات إقليمية كبيرة قد تجد في تطبيع العلاقات مع المغرب فرصة لتحسين علاقاتها مع الدول العربية، لكن ذلك يتطلب منها تقديم تنازلات ملموسة في قضايا حساسة، خاصة ما يتعلق بالصحراء المغربية.