صادقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) على انضمام 3 مدن مغربية جديدة إلى شبكتها العالمية لمدن التعلم، ليرتفع عدد مدن المملكة بهذه الشبكة إلى 7 مدن.
فبعد انضمام كل من مراكش وإفران وشفشاون وبنجرير في فترة سابقة، التحقت بها الأسبوع الماضي مدن أكادير وفاس والصويرة.
وتضم شبكة اليونسكو لمدن التعلم 356 مدينة في 79 دولة لحد الساعة، من أبرز مهامها: تحويل الأهداف العالمية للتنمية المستدامة إلى تدابير محلية من أهمها تعزيز جودة التعلم، وضمان تكافؤ الفرص بين الجميع.
وبهذا الخصوص، اعتبر الرئيس الوطني لرابطة التعليم الخاص بالمغرب محمد حنصالي أن التحاق مدن مغربية جديدة بالشبكة مؤشر جيد، ويجب أن يكون مدخلا لتظافر جهود الجميع من أجل “إرجاع قطار إصلاح منظومة التربية والتكوين إلى سكته، وإنقاذ المدرسة المغربية بجميع مكوناتها، قبل فوات الأوان”.
وأضاف حنصالي في تصريحات للصحافة أن التراجع الكبير لنتائج التلاميذ المغاربة بحسب البرنامج الدولي لتقييم التلاميذ PISA التي أعلن عنها شهر دجنبر الماضي كانت بمثابة دق ناقوس الخطر.
واعتبر الرئيس الوطني للرابطة أن التحديات الجديدة التي أصبحنا نعيشها اليوم في جميع دول العالم، أصبحت تستدعي من المدرسة ان تلعب أدوارا جديدة. و”المدرسة المغربية الجديدة” التي يهدف إلى إرسائها الإصلاح الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، تتطلب انفتاحا وتفاعلا مع التجارب الدولية. وبالتالي فارتفاع عدد مدن المملكة التي انضمت إلى شبكة اليونسكو العالمية سيتيح مزيدا من الفرص للانفتاح على مختلف تجارب تعزيز جودة التعلمات”.
وتلتزم المدن المنضمة إلى الشبكة بعدد من الالتزامات، من أبرزها تعزيز التعلم الشامل في نظام التعليم، حيث ينبغي أن يتساوى الجميع في الحصول على نفس فرص التعلم.
وتعزيز جودة التعلم، خاصة وأن هناك تفاوت بين أعداد المستفيدين من التعليم والذين ينجحون في اكتساب المهارات والكفاءات ذات الصلة.
وتوسيع نطاق استخدام تقنيات التعليم الحديثة، من خلال تطوير بيئة سياسية مواتية لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعلم.
وتعزيز الالتزام والإرادة السياسية، فبناء مدينة التعلم بنجاح يستلزم إرادة سياسية قوية والتزاما، إذ تقع على عاتق المنتخبين والسلطات المسؤولية الرئيسية لتخصيص الموارد السياسية لتحقيق رؤية مدينة التعلم.
وتحسين الحكامة ومشاركة جميع أصحاب المصلحة، فجميع قطاعات المجتمع لها دور رئيسي في التعلم والتعليم، وينبغي أن تشارك في بناء مدن التعلم. ومع ذلك، فإنه من المرجح مساهمة أصحاب المصلحة والمواطنين مساهمة أكبر في بناء مدن التعلم إذا تم اتخاذ القرارات بطريقة تشاركية.
وبهذا الصدد يقول حنصالي إن المجتمع المدني بالمغرب عرف طفرة نوعية، مع الأدوار الجديدة التي أناطها دستور 2011 بالفاعل الجمعوي، حيث لم يعد الشأن المحلي والعام حكرا على الدولة، والمؤسسات السياسية ، والمنتخبة ، بل أصبح المجتمع المدني يضطلع بدور كبير، باعتباره شريكا أساسيا للدولة في المساهمة في اتخاذ القرار، وإعداد وبلورة وصياغة السياسات العمومية.
ومن هذا المنطلق تقوم رابطة التعليم الخاص بالمغرب بدورها كقوة اقتراحية من أجل الترافع حول قضايا المدرسة المغربية بشكل عام، باعتبار أن مؤسسات التعليم الخصوصي أصبحت جزءا من منظومة التربية والتكوين.
ويعتبر حنصالي أن “نجاح الإصلاح المنشود، رهين بمدى الالتزام بالحكامـة الجيدة، التي يتم بمقتضاها ترشيد الإنفاق العمومي على منظومة التربية والتكوين بمختلف مكوناتها، لدمقرطة الولوج إلى مدارس الجودة أمام جميع التلاميذ المغاربة وفق مبدأي الإنصاف وتكافؤ الفرص، ومنحهم حق الاختيار بين مدرسة عمومية ومدرسة خاصة”.
ومن باب التذكير، يضيف رئيس الرابطة، فإن القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين، يقول بشكل واضح، إن التعبئة المجتمعية الشاملة والمتواصلة لتطبيق إصلاح منظومة التربية والتكوين، وتتبع تنفيذه وتقييمه المنتظم، تعد، في تكاملها، ضمانات إضافية لإنجاحه وتحقيق أهدافه. وهو ما لم يتحقق مع الأسف طوال الفترة الماضية بسبب ما حدث من إضرابات بالمدارس العمومية وغياب الحوار بين “تنسيقيات الأساتذة” والنقابات والوزارة الوصية.
واعتبر حنصالي أن التوصل إلى توافق بخصوص المطالب الاجتماعية لأساتذة المدارس العمومية، سيوفر إمكانية العودة إلى بناء التعبئة المجتمعية من جديد لاستئناف المقاربة التشاركية من أجل الإصلاح.
“وأتمنى أن لا تترك الحكومة ملف التعليم الخاص في غرفة الانتظار مرة أخرى” يقول الرئيس الوطني للرابطة، مذكرا بأن مشروع القانون المدرسي الذي أحالته الحكومة على المجلس الأعلى للتربية والتكوين لإبداء الرأي قبل أشهر لم يتضمن أي إشارة إلى التعاقد الاستراتيجي بين الدولة وقطاع التعليم الخاص كما ورد بالقانون الإطار الخاص بالتربية والتكوين والبحث العلمي.
ورغم أن ميثاق التربية والتكوين كان ينص على انتظارات تهم الرفع من عدد المتمدرسين بمؤسسات التعليم الخصوصي، فإن القطاع لم يستفد من أي برامج لتحفيز الاستثمار به، سواء للمؤسسات أو للأسر التي اختارت تمدرس ابنائها بمؤسسات القطاع.
وتزامنا مع ارتفاع عدد المدن المغربية التي انضمت إلى شبكة اليونسكو العالمية لمدن التعلم، فقد صادقت الجمعية العامة للجنة الوطنية المغربية للتربية والعلوم والثقافة (لجنة حكومية مكلفة بالتنسيق مع اليونسكو والإسيسكو والألكسو) على خطة العمل الخاصة بسنة 2024، بعد أن صادقت الحكومة على تعديل قانونها الأساسي الصيف الماضي، ومنحتها اختصاصات جديدة، تخول لها التنسيق مع مختلف المنظمات الدولية والإقليمية بخصوص البرامج المشتركة، ولتصبح شريكاً فعلياً وقوة اقتراحية في مجالات التربية والعلوم والثقافة والتنمية المستدامة والبيئة والشباب والرياضة والاتصال، وكذا في المجالات الجديدة التي أصبحت تشتغل عليها اللجنة الوطنية كعلم البحار والمحيطات والذكاء الاصطناعي، كما قال وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى.
وهو ما سيجعل الحكومة المغربية أكثر جاهزية في تفعيل البرامج المشتركة مع منظمات الأمم المتحدة بخصوص قضايا التربية والتكوين.
ويرى حنصالي أن “إطار التعاون من أجل التنمية المستدامة 2023-2027” كوثيقة مرجعية أنجزتها بشكل مشترك الحكومة المغربية مع منظومة الأمم المتحدة الإنمائية بالمغرب تحدد عددا من مجالات التعاون الخاصة بالمدرسة المغربية ضمن محور “تنمية الرأسمال البشري” من مثل دعم الوصول إلى التعليم كحق اساسي، ودعم جهود ملاءمة التعليم والتكوين مع احتياجات سوق العمل، وتحسين البيئة والمناخ المدرسي، وتعزيز أنشطة الحياة المدرسية داخل مؤسسات التعليم العمومية والخصوصية.
ويضيف أن رابطة التعليم الخاص بالمغرب ستنظم نهاية الأسبوع الجاري بمراكش (أيام 23-24-25 فبراير 2024) دورة تكوينية خاصة بالرؤساء والأمناء والكتاب العامين لمكاتبها الجهوية والإقليمية والمحلية، تحت شعار (من أجل كفاءات جمعوية متميزة ورائدة) سيكون من بين محاورها التواصل المؤسسي وتدبير الشراكات والمشاريع مع المؤسسات الوطنية والدولية.
فالرابطة، بالنسبة إليه، مطالبة بتطوير عملها على جميع الواجهات لتتمكن من النجاح في المساهمة في بناء المدرسة المغربية الجديدة مع جميع الشركاء، ولعب دورها كقوة اقتراحية، وكفاعل رئيسي ضمن المجتمع المدني في قضايا التربية والتكوين.