أعلنت الهيئة العليا التونسية المستقلة للانتخابات ، مساء أمس، أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية، بلغت 8,8 بالمائة أي تصويت 803 آلاف و638 ناخبا، من إجمالي أكثر من 9 ملايين ناخب مسجل.
وكانت المشاركة النهائية أقل من نسبة 30.5 في المائة من المصوتين على الاستفتاء الذي تم تنظيمه في 25 يوليوز لمراجعة الدستور.
ولا يتناسب هذا المعدل الهزيل مع المعدلات المسجلة في الانتخابات التشريعية على التوالي في 2011 (54.1 في المائة) ، 2014 (69 في المائة) أو في 2019 ( (43.9
ومن الواضح أن التونسيين تجاهلوا النداء الذي وجهه إليهم الرئيس قيس سعيد عند خروجه من صناديق الاقتراع ، معلنا أن هذه الانتخابات تشكل “فرصة تاريخية لاستعادة حقوقكم المشروعة” والإصرار على “القطع مع الذين خربوا البلاد”.
وهكذا يكون التونسيون قد استجابوا، بشكل كبير، لدعوة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني لمقاطعة هذا الموعد الانتخابي.
ولا يبدو المشهد النهائي عند نهاية هذا اليوم الانتخابي الهادئ والباهت، بمراكز اقتراع مهجورة بشكل غريب ، مشرفا.
وما الامتناع الكبير عن التصويت إلا رسالة واضحة وجهها التونسيون إلى السلطات العمومية. كما يعبر عن عدم موافقتهم على نظام ومشروع لا يعترفون به.
و يعكس نهاية سابقة لأوانها لاستقبال المرشحين الذين يعتبر غالبيتهم دخيلا على الحياة السياسية.
ويشكل هذا السخط ضربة لعملية استنكرتها غالبية الطبقة السياسية والمجتمع المدني ووصفتها بـ “الانجراف الاستبدادي الذي يضع حدا لتجربة ديمقراطية غير كاملة، إلا أنها أثارت الآمال والاهتمام الكبير”.
وبحسب المراقبين ، فهو برلمان محدود الصلاحيات ، ويواجه، نتيجة المشاركة المنخفضة للغاية ، أزمة شرعية خطيرة.
فمن الواضح أن استياء الناخبين من هذا الموعد الانتخابي ، الذي كانت تخشاه السلطة بقوة ، قد وقع…قاطع التونسيون بأعداد كبيرة في 17 دجنبر ، وظلت صناديق الاقتراع وبعض مراكز الاقتراع في المناطق الجنوبية، بالخصوص، ، طيلة اليوم في انتظار أول ناخب، دون جدوى.
ومن الواضح أن موقف الرفض هذا تم إملائه ، كما يقول المراقبون للمشهد السياسي ، من خلال عدة عوامل، ويتعلق الأمر بالخصوص، بفقدان الثقة باللعبة السياسية بعد 25 يوليوز 2019 وحملة انتخابية باهتة ومرشحين مجهولين داخل المشهد العمومي.
لكل هذه الأسباب، كما يعتقدون ، امتنع غالبية الناخبين عن تأييد المرشحين ، ومعظمهم من السياسيين المبتدئين، وعن إعطاء شيكات على بياض لمشروع شعبوي يحول البرلمان، بحكم الأمر الواقع، إلى صندوق تسجيل، ويمثل تحولا سلطويا للنظام الذي يدير ظهره لأي فصل حقيقي بين السلطات.
وستمنح للبرلمان، الذي سينبثق عن الانتخابات التشريعية ، بعد جولة ثانية تنظم بداية مارس 2023 ، سلطات محدودة جدا بموجب الدستور الجديد.
ولن يتمكن النواب المستقبليون الذي سيتم انتخابهم خلال اقتراع بنظام فردي عوض اللوائح، وفي جولتين، من مراقبة عمل الحكومة أو فرض الرقابة عليها. ويحتاج اقتراح القانون إلى عشرة نواب ، وتكون الأولوية للرئيس.
كما أنهم لن يستفيدوا من أي حصانة ويمكن عزلهم من مناصبهم، في ظل ظروف معينة، من قبل الناخبين.
ويمكن تفسير هذه النتائج، أيضا، من خلال اعتماد خلال شهر شتنبر الماضي لقانون انتخابي جديد مطعون فيه ، والذي أدخل العديد من التغييرات ، سواء على مستوى الحملات الانتخابية أو الإجراءات الانتخابية وكذا عمل البرلمان.
التغيير الرئيسي الأول هو الفصل بين المرشحين والأحزاب، في الوقت الذي كان بإمكان الأحزاب في السابق تقديم لوائح ، أما نص قانون الانتخابات الجديد فينص على أنه يجب على المرشحين التنافس بشكل فردي.
وقرر 12 حزبا مقاطعة هذه الانتخابات وهي “النهضة” و”قلب تونس”، و “التيار الديمقراطي” و “ائتلاف الكرامة” و “الحزب الدستور الحر” و “آفاق تونس” و” التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات” و “حراك تونس الإرداة” و”حزب الأمل” والحزب الجمهوري” ز ” حزب العمال” و”حزب القطب “.
وسار على نهجها ، خلال الفترة الأخيرة، المركزية النقابية القوية الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي وجه انتقادات شديدة لعملية أدارت ظهرها لأي نهج تشاركي.