محامي الشيطان وبلطجيته
في بلدة هادئة ومتميزة بذكاء أبنائها واجتهادهم وصبرهم، بلدة أنتجت من النخب (ومازالت تنتج) ما يجعلها مثالا يحتدى به على صعيد البلاد وحتى كل البلدان، (في هذه البلدة) وقعت الواقعة. جاء رجل من مدينة بعيدة وقريبة في نفس الوقت، قال لهم “ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون”، في عملية نصب لم تشهدها حتى بؤر أحياء الصفيح في أحزمة الفقر والهشاشة المحيطة بمدن بعيدة، وعزز أسطوله ببلطجية استغل ضعفها وفقرها وجهلها وانتهازيتها، ليجيشها ويمولها بأموال الفساد من أجل الاستيلاء على ما يظن أنه مركز قيادة العمليات.
بعد بضعة أشهر هاهو يقود كتائب العمليات منتشيا بهذا الإنجاز (هكذا يخيّل له) وبدأ مخططه بمشروع مقبرة مازال متوقفا فقط على الاتفاق على الخلية التي ستسير ضريح “الولي الصالح” بقبته، لكنه فاجأ بلطجيته بأن يكون هو “شخصيا” هذا “الولي الصالح” بإعطاء تعليماته ببناء الضريح بقبره وحجزه له، وإن كان لايزال مترددا، لأنه يخشى بعد موته (خاصة إذا وافته المنية قبل قيدومي بلطجيته) أن تنقلب البلطجية عليه، ويتم دفنه في الهامش، ذلك أن تجربته مع البلطجة علمته أن كل بلطجية لا تؤمن سوى بمن يمولها ، وقد تنقلب بين عشية وضحاها لخدمة من دفع أكثر؛ خاصة انه بدأ يلاحظ انقلاب السحر على الساحر عندما بلغ إلى علمه كيف تم إستغلال لعاب ذوي الاحتياجات الخاصة وتحويله إلى سجل تجاري( fonds de commerce )، بعد ان قطعوا الطريق على المتطوعين الذين انزووا إلى الوراء ولسان حالهم يقول “الله يستر”.
إضافة إلى هذا الخلاف والتخوف هناك نقاش آخر لم يتم الحسم فيه أيضا، ويتعلق باختصاص “الولي الصالح ” ،حيث رفض صاحبنا اقتراح ترويج بروباكوندا “حل مشاكل الزواج والطلاق وجلب الحبيب” قائلا بأن هذه خرافات أكل الدهر عليها وشرب مقترحا “الرشاقة وربح الأموال في وقت وجيز”.
مصادر مقربة من غرفة القيادة تضيف بأن هناك أيضا خلاف حول طبيعة “الهدية” التي سيتم فرضها على الزوار، حيث اقترح أحد قيدومي البلطجية بأن تكون عبارة عن “قوالب السكر وقطع الشمع” ما رفضه مشروع “الولي الصالح” مقترحا بأن تكون “الهدية نقداً”، ما دام أنه “سيحقق” أمنيات “الرشاقة وجمع الأموال في وقت وجيز”.
عندما يتوصل الجميع إلى توافق في هذا الشأن سيعطي “الولي الصالح” أوامره بدفن أول جثة في المقبرة، وهنا أيضا سيتم اختيار الجيران بعناية فائقة؛ لأن الدفن سيبدأ بجوار الضريح.
هذا الخلاف حول ضريح المقبرة واختصاصاته عطل بعض “برامج” صاحبنا خاصة شراء العقارات والأراضي قبل إخراج تصميم التهيئة الذي يعرف توجهه، ومواطن اقتناء المزيد من العقار. سيما وأنه يحاول جاهدا بأن تكون كل الاستثمارات محيطة بمشروع الضريح الذي يربط الدنيا بالآخرة لكي يربح في الدنيا (هكذا خيل له) اما الآخرة فالعلم لله.
ملحوظة : هذه الأحداث من وحي خيال المؤلف.. وأي تشابه في الوقائع أو “الشخصيات” أو البلطجة هو من قبيل الصدفة لا أكثر…