كاب24 – برعلا زكريا:
يمكن اعتبار انتخابات المجالس والبرلمان لسنة 2021 بالمغرب استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، سواء تعلق الأمر بقوانين جديدة كالقاسم الانتخابي وإلغاء العتبة أو إقليميا من خلال العداء الصريح والشديد من الجارة الشرقية أو أزمة كورونا الصحية.
إلى جانب مسألة أخرى لا تقل أهمية وهي: انعكاس الثورة الرقمية والتقنية العالية والذكاء التكنولوجي في مجال الاتصالات على الحملة الانتخابية.
وفي هذا السياق فقد عمدت كل الأحزاب إلى تنظيم مهرجاناتها الخطابية والدعائية عن بعد عبر تقنية “المباشر” مستهدفة أكبر عدد ممكن من المتابعة والمشاهدة والتقاسم بالصفحات والمجموعات الافتراضية.
هذه التقنيات المتطورة تعطي أرقاما مضبوطة حول نسب المشاهدة لكنها لا تعكس بالضرورة تصور الناخبين.
بعض الأحزاب تنبهت لمسألة العالم الرقمي وأعدت خبراء ومتخصصين في الدعاية الرقمية، وبأحدث الأجهزة وذلك يتطلب ميزانية ضخمة. في حين أن بعض الأحزاب اكتفت بتقنيات متواضعة لتسويق مشروعها ووكلاء لوائحها مما يطرح مسألة تكافؤ الفرص بين الأحزاب موضع مناقشة.
وتجدر الإشارة إلى أن التقارير الصادرة عن شركات الاتصالات بالمغرب تحدد نسبة الربط بالإنترنت عند المغاربة بأكثر من 85 في المائة، وهي الأعلى إفريقيا، وفي مراتب متقدمة عالميا. كما أن الشباب هم الفئة الأكثر نشاطا بالعالم الرقمي.
وبالعودة للانتخابات، يمكن تصنيف المتفاعلين في صفحات الفيسبوك وغيرها إلى رافضين للعملية برمتها من خلال التعليقات السلبية باتجاه جميع الأحزاب بدعوى أنها لا تقدم سوى نفس الوجوه التي دبرت الشأن العام خلال ولايات سابقة دون نتائج تذكر، بل أن هؤلاء أطلقوا حملات للمقاطعة من خلال ما يسمى ب “الهاشتاك”.
صنف آخر لا يهتم سوى بالسخرية والتنمر على صور المرشحين وأسمائهم ومهنهم غير مكترثين بالشؤون السياسية للبلاد.
أما الباقون فهم منتمون للأحزاب وأغلب الوقت يهاجمون الحملات الانتخابية المنافسة وأحيانا يخرج الخطاب عن السياق الفكري والسياسي إلى المشادات والعبارات العنيفة.
لكن ما يمكن تسجيله هو عدم الاستفادة من التطور الكبير في الاتصالات من خلال إحداث مراكز بحث أكاديمية أو جامعية تقوم بإغناء الحقل السياسي بالمغرب ونشر الوعي في صفوف الشباب من خلال برامج ودراسات تحليلية محايدة، تسلط الضوء على برامج الأحزاب وإمكانيات تنزيل هذه البرامج وتحديد حاجيات المواطنين وتشخيص أوضاع الأقاليم والجهات وتثمين المكتسبات. بالإضافة للقيام باستطلاعات للرأي لتحديد توجهات المواطنين، مما يغني بشكل كبير الحقل السياسي. مثل هذه المراكز موجودة بالدول المتقدمة كأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وتنتج تقارير ذات مصداقية عالية.