المغرب ومسار السيادة التفاوضية

0

:الگارح أبوسالمCap24-

خطاب جلالة الملك: فلسفة النجاح والمسؤولية

في خطاب جلالة الملك الأخير، قال: “لم ننتصر… ونحن مرتاحون للموقف الدولي، ونمد اليد للإخوة، ونثمن موقف الشركاء”. كلمات موجزة لكنها تختزل استراتيجية المغرب: السيادة ليست إعلان نصر، والحل السياسي ليس تنازلاً، بل مسؤولية وطنية ودولية قائمة على التوازن والحكمة.

من التحرير إلى التفاوض

منذ الستينيات، اعتمد المغرب منطق الوحدة الترابية والتحرير لمواجهة سرديات تصفية الاستعمار. لكن مرور الزمن أظهر أن الانتصار الحقيقي يتحقق بالمرونة الاستراتيجية والنهج التفاوضي، لا فقط بالخطابات الرمزية أو السيطرة الشكلية على الأرض.

الحكم الذاتي: تحول نوعي في المقاربة

جاء المقترح المغربي للحكم الذاتي ليحوّل مسار القضية: من الدفاع التاريخي إلى السيادة التفاوضية، ومن سجل التاريخ إلى سجل القانون الدولي. قرار مجلس الأمن في 31اكتوبر 2025 أعطى المقترح مكانة مرجعية ضمن الفصل السادس، مؤكداً أن القضية الصحراوية أصبحت تسوية سيادية تحت إطار عالمي قانوني وسلمي.

مصطلحات الخطاب الملكي: دليل الفلسفة الجديدة

“لم ننتصر” وهو تذكير بالمسؤولية الوطنية، بعيدًا عن الرمزية الزائدة.
“نحن مرتاحون للموقف الدولي” وهي إشادة بالاعتراف العالمي بالشرعية المغربية.
“مد اليد للإخوة” وهو تعزيز روح التعاون والحوار الإقليمي. و تأكيد على بناء مشروع تفاوضي مشترك.
نجاح دبلوماسي ونضج سياسي

ما تحقق اليوم ليس انتصارًا تقليديًا، بل نجاح سيادي دبلوماسي: المغرب تحرّر من الدفاع التاريخي، وانتقل إلى فضاء السيادة الواقعية والبناء التفاوضي. هو نموذج فريد للنضج السياسي، قادر على تحويل الإنجاز الدولي إلى ثقة وطنية واستقرار مستدام.

وهكذا أتبث المغرب أنه فاعل دولي نشيط، وباني مشروع تفاوضي مستدام، حافظ على ثوابته، وممارس للسيادة بمسؤولية. ما تحقق ليس محطة نهائية، بل مرحلة جديدة لمسار طويل من البناء، المصالحة، والسيادة التفاوضية، تؤكد قدرة الدولة على الجمع بين الشرعية الداخلية والاعتراف الدولي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.