الديربي ظلمته الصورة قبل أن يظلمه الأداء.. وتستمر شوهة النقل التلفزي

0

الكارح أبو سالم _cap24-

لم يكن ديربي الوداد والرجاء، مساء الأمس، مجرد مباراة كروية عادية في الدوري المغربي، بل كان حدثًا ينتظره الملايين من عشاق الساحرة المستديرة، من الدار البيضاء إلى أقصى ربوع الوطن. غير أن المفاجأة الكبرى لم تكن في نتيجة اللقاء التي انتهت بالتعادل السلبي، بل في الصورة التلفزية التي نقلت هذا العرس الكروي بمستوى أقل ما يُقال عنه إنه مخيّب للآمال.
المتفرجون الذين جلسوا أمام شاشاتهم عبر قناة الرياضية المغربية Arryadia عبّروا عن استيائهم الواسع في مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أن «الديربي ظلمته الصورة قبل أن يظلمه الأداء». فبدل النقل الاحترافي الذي يليق بحدث من هذا الحجم، وجد المشاهد نفسه أمام إنتاج تلفزي «فقير» من حيث التغطية البصرية والتقنية
فعلى الرغم من الحضور الجماهيري الكبير والأجواء المبهرة في مدرجات المركب الرياضي محمد الخامس، إلا أن النقل التلفزي بدا باهتًا، متذبذب الإخراج، يفتقر للزوايا الديناميكية والتقنيات البصرية التي تليق بديربي يُعد من أقوى المواجهات على الساحة الإفريقية.
مشاهد كثيرة غابت، ولحظات حاسمة لم تُرَ كما يجب، وكأن عدسات الكاميرات لم تكن في الموعد، أو كأننا أمام بث من عقود مضت لا من سنة تستعد فيها المملكة لتنظيم كؤوس قارّية وعالمية.

الانتقادات طالت القناة الرياضية، ومعها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، التي أصبحت في مرمى سخط الجمهور كلما تعلق الأمر بحدث وطني كبير.
وليست هذه المرة الأولى؛ فقد تكررت الأخطاء التقنية وضعف الإخراج في محطات سابقة، منها استقبال المنتخب المغربي العائد من قطر بتصنيف ذهبي بعد مونديال 2022، ثم في نقل حفل افتتاح المركب الرياضي مولاي عبد الله بعد تأهيله، وأيضًا خلال استقبال المنتخب المغربي لأقل من عشرين سنة الفائز بكأس العالم.
تجارب متكررة، تترك في كل مرة انطباعًا واحدًا: أن هناك آذانًا لا تسمع، أو لا تكترث، أو ربما لا تبالي.

وما يزيد من مرارة المشهد أن المغرب يتوفر على أطقم تقنية وكفاءات مهنية في المستوى، لكنها تظل في حاجة إلى التكوين والتكوين المستمر، والانفتاح على ما يعرفه العالم من تحولات كبرى في تقنيات النقل التلفزي والإخراج الرياضي.
نحن مقبلون على تنظيم كأس إفريقيا للأمم بعد أسابيع قليلة، ثم على كأس العالم 2030، ولا يمكن بأي حال أن نظل نتفرج على نقل أحداثنا الوطنية بهذه الصورة المتواضعة.

وأنا أكتب هذه الأسطر، عادت إلى ذهني تجربة نقل كأس العرب التي جمعت الوداد والرجاء قبل سنوات، حين تولت قنوات عربية الإخراج والإنتاج، فكان المشهد في غاية الروعة: صورة عالية الجودة، لقطات دقيقة، وإخراج سينمائي يليق بديربي عالمي.
فكيف يعقل أن يظهر ديربي الدار البيضاء بهذا البهاء عندما تنقله قنوات غير قنواتنا، ويبدو باهتًا حين تتكلف به مؤسساتنا الوطنية؟

سؤال مؤلم، لكنه مشروع:
هل المشكل في الإمكانيات، أم في الرؤية، أم في غياب إرادة حقيقية للنهوض بقطاع الإنتاج التلفزي الوطني؟

الجواب، مهما كان، يفرض علينا أن نتحرك اليوم قبل الغد، لأن الكرة المغربية تستحق أن تُروى بصورتها، لا أن تُخنق بعدساتها

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.