أصدرت الغرفة الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الرباط أحكامها في قضية أثارت جدلًا واسعًا في الساحة القانونية والإعلامية بالمغرب، والمتعلقة بملف “بيع الأحكام” بمحكمة الاستئناف بتطوان.
القضية تميزت بطابعها الاستثنائي نظرًا لطبيعة المتابعين فيها، وعددهم الذي بلغ ستة عشر شخصًا من مشارب مهنية مختلفة، ضمنهم قضاة ومحامون وموثقون ورجال أعمال.
انطلاقة الملف لم تكن اعتيادية، إذ جاءت بناءً على معطيات كشفتها زوجة قاضٍ يشغل منصبًا قضائيًا مهمًا، حيث قدمت معطيات تضمنت اتهامات بتلقي مبالغ مالية مقابل التدخل في مجريات بعض القضايا، ما دفع النيابة العامة المختصة إلى فتح تحقيق فوري وإحالة الأمر إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي قامت بإجراء تحريات دقيقة شملت أطرافًا عدة.
وقد بيّنت نتائج التحقيق وجود شبهة تنسيق بين عدد من المهنيين للتأثير على سير ملفات قضائية بعينها، مقابل مصالح مالية وشخصية.
بعد أشهر من البحث والمرافعات، خلصت المحكمة إلى إصدار أحكام تفاوتت بحسب درجة التورط، حيث تم الحكم على القاضي المتهم الرئيسي بثلاث سنوات حبسًا نافذًا، بينما أدين زميله بسنة نافذة وأخرى موقوفة التنفيذ.
كما صدرت أحكام بالسجن النافذ وصلت إلى سنتين في حق عدد من المحامين المنتمين إلى هيئة تطوان، في حين حصل آخرون على البراءة أو أحكام موقوفة التنفيذ.
وشملت الإدانة أيضًا رجل أعمال، يُعرف إعلاميًا بلقب “صاحب اللمبورغيني”، والذي حُكم عليه بسنة حبسًا نافذًا، إضافة إلى محامية من الجديدة، وموثق، ومحامٍ من الدار البيضاء.
أهمية هذه القضية لا تكمن فقط في الأسماء التي وردت ضمنها، بل في الرسائل القانونية والمؤسساتية التي تطرحها. إذ يرى عدد من المراقبين أن تعاطي القضاء مع هذا الملف يعكس وجود إرادة لدى المؤسسات المختصة لتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، والتأكيد على أن أي تجاوز داخل المنظومة القضائية، مهما كان مصدره، لا يمكن أن يمر دون مساءلة.
