Ilayki invest

حين يتذوّق الإسرائيليون طعم الرعب: مرآة لما يعيشه الفلسطينيون كل يوم

0

منذ مدة، لم يستفيق الإسرائيليون على وقع صافرات الإنذار، ولهيب الصواريخ، وأصوات الانفجارات التي تقطع صمت الليل، وتجبرهم على الجري إلى الملاجئ، أو الارتماء أرضاً طلبًا للنجاة.

وفي هذه اللحظات من الفزع الجماعي، يبدو المشهد مألوفًا… لكن ليس في تل أبيب أو حيفا، بل في غزة وجنين ونابلس.

الصور القادمة من المدن الإسرائيلية التي طالتها الضربات الإيرانية مؤخرًا تُظهر وجوهًا مذعورة، أطفالًا يرتجفون في أحضان أمهاتهم، وعائلات مشتتة بين الملاجئ، وسط دخان الحرائق وصدمة الانفجارات.

مشاهد يعانيها الفلسطينيون بشكل يومي منذ سنوات طويلة، دون أن تُلتفت إليهم بنفس التعاطف، أو تُروى معاناتهم في كبرى وسائل الإعلام العالمية بالطريقة نفسها.

ما يعيشه المواطن الإسرائيلي اليوم – من فقدان الإحساس بالأمان، إلى النوم بجانب القلق، والركض المفاجئ بحثاً عن مأوى – ليس سوى قطرة في بحر مما يعيشه الشعب الفلسطيني منذ عقود.

الفرق فقط أن الاحتلال العسكري، والحصار، واجتياح البيوت، والاعتقال، والغارات المتكررة، هي واقع دائم في حياة الفلسطيني، وليست حدثاً طارئًا يثير الذهول أو يصنع عناوين عالمية.

اليوم، بينما تشتعل سماء تل أبيب بالصواريخ، قد يتذوّق الإسرائيلي العادي ما يعنيه أن تكون حياتك رهينة لصوت انفجار، أو أن لا تأمن على أطفالك عند باب المدرسة، أو أن ترى منزلك ينهار أمام عينيك.

وربما، ولو للحظة خاطفة، يتولّد في أعماق بعضهم شعور – ولو ضئيلاً – بما يعانيه إنسان آخر على الطرف المقابل من الجدار.

الرعب، حين يتساوى على الضفتين، لا يبقى مجرد أداة في المعركة، بل يتحول إلى مرآة تُجبر الطرف الأقوى على مواجهة حقيقة طالما تجاهلها وهي أن الأمن لا يُبنى على أنقاض الآخر، وأن السلام لا يمكن أن يتحقق في ظل الاحتلال.

ما يحصل اليوم في الداخل الإسرائيلي، قد لا يغيّر السياسات أو يعيد صياغة الحسابات الأمنية، لكنه يملك قدرة نادرة على كشف الإنسان داخل كل طرف.

ولعل في هذه المأساة المشتركة درسًا قاسيًا بأن الألم لا جنسية له، والخوف لا هوية، وأنه ما من طرف يحتكر المعاناة… إلا عندما يختار العالم أن يرى طرفًا واحدًا فقط.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.