هيومن رايتس ووتش: القضاء التونسي أداة سياسية لإسكات المعارضين

0

اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” السلطات التونسية باستخدام القضاء كوسيلة لقمع الأصوات المعارضة، وذلك في أعقاب إصدار محكمة تونسية، يوم 19 أبريل 2025، أحكامًا قاسية بالسجن على 37 متهمًا في ما بات يعرف بـ”قضية التآمر”، بعد محاكمة وصفتها المنظمة بأنها “صورية وتنتهك بشكل صارخ معايير العدالة”.

المنظمة الحقوقية الدولية اعتبرت في بيان رسمي أن المحاكمة الجماعية، التي لم تتجاوز ثلاث جلسات، حُرِم فيها المتهمون من حقوقهم الأساسية في الدفاع، وشابتها خروقات إجرائية جسيمة.

وقال بسام خواجا، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمنظمة، إن ما حدث “يعكس توجّهًا مقلقًا لدى السلطات التونسية لتحويل النشاط السياسي والمدني السلمي إلى جريمة يعاقب عليها بالسجن لعقود طويلة”.

ووفقًا للمعطيات التي راجعتها “هيومن رايتس ووتش”، شملت الأحكام شخصيات بارزة في المعارضة من طيف سياسي متنوع، منهم نور الدين البحيري، المحكوم بـ43 عامًا، ورجل الأعمال كمال لطيف بـ66 عامًا، إضافة إلى السياسي خيام التركي الذي حُكم عليه بـ48 عامًا. كما صدرت أحكام أخرى بالسجن لـ18 عامًا ضد غازي الشواشي، عصام الشابي، جوهر بن مبارك، رضا بلحاج، وشيماء عيسى، وهي أسماء لطالما ارتبطت بالعمل السياسي السلمي والمطالبة بالإصلاح الديمقراطي.

MDJS 350

وأشارت المنظمة إلى أن العديد من المتهمين حوكموا غيابيًا، في حين أمضى آخرون فترات طويلة في الاعتقال الاحتياطي، تجاوز بعضها السقف القانوني المنصوص عليه في التشريعات التونسية. كما انتقدت طريقة عرض المتهمين أمام المحكمة عبر تقنية الفيديو، معتبرة أنها تمس بحقهم في المحاكمة العلنية وتمثيل الدفاع بشكل مباشر.

الضغوط القضائية لم تتوقف عند المتهمين، بل طالت أيضًا محاميهم. فقد اعتُقل المحامي أحمد صواب بعد تصريحات إعلامية انتقد فيها الأحكام، ووجهت له اتهامات ذات طابع “إرهابي”، فيما أدرج محامون آخرون كالعياشي الهمامي ضمن المتهمين في سياق القضية نفسها.

واعتبرت المنظمة أن استهداف المحامين والصحفيين والمراقبين الدوليين، الذين مُنعوا من متابعة جلسات المحاكمة، يعكس حجم التضييق المتصاعد على الحريات العامة وحرية التعبير في تونس منذ استفراد الرئيس قيس سعيّد بالسلطات في يوليوز2021، عقب حل البرلمان والمجلس الأعلى للقضاء.

وأهابت “هيومن رايتس ووتش” بالمجتمع الدولي، ولا سيما شركاء تونس، التحرك العاجل للضغط على السلطات التونسية من أجل وقف ما وصفته بـ”الحملة القمعية الشاملة” على المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وإلغاء الأحكام الجائرة التي صدرت في هذه القضية.

كما طالبت المنظمة بضمان المحاكمات العادلة، وإعادة الاعتبار لاستقلالية القضاء في تونس، في احترام للمواثيق الدولية التي تلتزم بها البلاد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.