أعاد وزير العدل عبد اللطيف وهبي فتح باب النقاش حول النفقة المشتركة بين الزوجين في المغرب، مشيرًا إلى ضرورة مشاركة الزوجة الميسورة في تحمل الأعباء المالية للأسرة. تصريحات الوزير أثارت تفاعلاً واسعاً من قبل جمعيات حقوقية نسائية، مطالبة بمراجعة القوانين لتحقيق توازن حقيقي بين الطرفين في الشؤون المالية الأسرية، خاصة في حالة الطلاق.
ردود فعل الجمعيات النسائية: من أبرز المنظمات التي تفاعلت مع تصريحات الوزير، جمعية التحدي للمساواة والمواطنة التي ترى أن تحمل المرأة للنفقة هو جزء من واقع الأسر المغربية اليوم، داعية إلى تقنين هذا الواقع ضمن التشريعات الوطنية.
وتعتبر الجمعية أن العمل المنزلي، رغم أهميته الاقتصادية والاجتماعية، لا يزال غير معترف به بالشكل الذي يستحقه، وهو ما يتطلب إصلاحات قانونية تعزز دور المرأة في المشاركة الاقتصادية داخل الأسرة.
دراسات تدعم التوجه: استندت الجمعية في مطالبها إلى مجموعة من الدراسات الوطنية التي تؤكد قيمة العمل المنزلي الذي تقوم به المرأة، فوفقًا لإحدى الدراسات، يعتبر غالبية المغاربة أن العمل المنزلي يجب أن يُعترف به كمساهمة اقتصادية حقيقية في ميزانية الأسرة.
هذا الطرح يدعم مطالب الحركة النسائية بتعديل القوانين لضمان تقاسم الأعباء المالية بشكل عادل بين الزوجين.
تغيرات في العقليات والقوانين: على مدار الثلاثين عامًا الماضية، شهد المجتمع المغربي تحولات كبيرة فيما يتعلق بدور المرأة ومساهمتها المالية في الأسرة، فما كان يُعتبر من اختصاص الرجل وحده سابقا بات اليوم محل نقاش جدي حول مشاركة المرأة فيه.
من جهة اخرى، توجهات الدستور المغربي لعام 2011 أكدت على المساواة بين الجنسين، وهو ما يعزز المطالب الحالية بمراجعة القوانين المتعلقة بالنفقة في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق التوازن بين الزوجين.
الإحصائيات تكشف الواقع: إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط تشير إلى أن شريحة واسعة من المغاربة يرون ضرورة أن تساهم الزوجة ذات الدخل الثابت في نفقات الأسرة، حيث أن أكثر من 69% من المغاربة يؤيدون هذا التوجه، وهو ما يعكس تغيرًا في النظرة التقليدية التي كانت تحصر دور الرجل في توفير الدخل المادي للأسرة.
الاعتراف بالعمل المنزلي: ضرورة ملحة: مع دخول المرأة المغربية إلى سوق العمل وتحملها لمسؤوليات مهنية، أصبح من الضروري الاعتراف بالعمل المنزلي الذي تقوم به كمساهمة مادية فعلية في تسيير شؤون الأسرة، حيث تشير الدراسات إلى أن 73% من المغاربة يرون أن هذا العمل له قيمة اقتصادية كبيرة، ويجب أن يُحتسب ضمن مسؤوليات النفقة المشتركة.
يشكل النقاش حول النفقة المشتركة بين الزوجين خطوة نحو تغيير العادات التقليدية في المغرب. بينما تستمر الجمعيات النسائية في الضغط من أجل تعديل القوانين بما يتماشى مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، يبدو أن المجتمع المغربي مستعد لاستقبال هذه التغييرات التي قد تعيد تشكيل مفهوم الأسرة التقليدية وتحقق المزيد من المساواة بين الزوجين في تحمل الأعباء المالية.