بينما يسود الترقب وتشرئب الأعناق لمعرفة الجديد القادم بخصوص جدول أعمال المجلس الوزاري برئاسة جلالة الملك ، يزداد التشوق مع كل تأجيل وتزداد معه الأسئلة عن الأسباب سيما أنه تأجل مرتين خلال أسبوع واحد ، فهناك من راهن على إنعقاده قبل إفتتاح البرلمان حفاظا على ترك تجميع شمل المسؤولين لغاية توحيد الرؤيا وتلقي التوجيهات بصفة عامة وشمولية أثناء إلقاء الخطاب الملكي نظرا لأهميته التشريعية لإنطلاق الموسم ، وهناك من راهن على انعقاده مابعد الافتتاح للضرورة القصوى في اختيار العناصر ، لكن بعدما تبدد أمر إنعقاده على هذا النحو ، أصبح واضحا أن إنعقاده لايكتسي تلكم الصبغة المنحصرة في التعجيل بعقده قبل أو بعد إفتتاح البرلمان فحسب ، بل لثقل جدول أعماله وللمنتظر تحقيقه بخصوص الكفاءات الوزارية ، والتنصيب في مناصب عليا من كتاب الدولة ، والولاة والعمال كما الوزراء وبعض مدراء المجالس الدستورية الحالية منها والتي ستظهر ولادتها ، هذا الوضع حلق بعقول المتتبعين المغاربة للتساؤل عن حقهم المشروع في معرفة مايدور حول تدبير شأنهم العام .
لقد تابعت غالبية الصحف والمنابر _ عدا الرسمية طبعا _ حالة ترقب المغاربة لعقد المجلس الوزاري ، فنقب كل من زاويته عن مصدر عله يظفر بذرة معلومة يجود بها أحد المقربين لصناع القرار ، لكن كانت الإحتمالات سيدة الموقف ، ولمس الغالبية أن أكبر المترقبين لعقد المجلس هم الوزراء أنفسهم أكثر من المغاربة وصحافتهم ، ليس بحثا عن معرفة الملفات الكبرى التي تنتظرهم للإشتغال عليها ، بل هل لهم من الحظوظ ما ستجعلهم ماكثين في كراسيهم بعد إرتفاع منسوب مطالب المغاربة في إبعاد بعض الوجوه إن لم نقل جلها .
بعد الإنتهاء من إفتتاح البرلمان الجمعة الفارطة ، وإكتفاء الملك بفتح ورشين هامين لهما إرتباط وثيق بالحياة الإجتماعية للشعب المغربي وهما أهمية ترشيد المياه ، والإستثمار ، دون التطرق إلى ملفات أخرى لها أيضا نسبتها القصوى التي لاتقل أهمية عن الماء والإستثمار ، كميزانية 2023 ، وارتفاع الأسعار ، والجبايات ، والصحة والتعليم إلى غير ذلك من الجبهات التي تفرض نفسها اليوم بحدة ، أصبح من باب المؤكد أن القصر يبحث عن بروفايلات تتلائم والحرب القادمة لمواجهة هذه التحديات ، والإجتماع بكفاءات قادرة على تحمل القادم من المشاريع الملكية بسرعة تتلائم والإرادة العامة ، وأن السرعة في عقد المجلس الوزاري لن تفيد في إنجاح خطة الخروج بتشكيلة يمكن القول على الأقل أنها في مستوى التطلعات .
إذن يتضح جليا أن القصر يأخذ الأمر بجدية عالية أكثر حزما من تصور الجميع ، إيمانا منه بالتحديات القادمة ، وأنه _ حسب مصادر كاب 24 العليمة _ كان وراء التأجيلين الأول والثاني ، ولم لا التالث والرابع إن لم تستوفي اللوائح المقترحة والمقدمة للملك الشروط الكفيلة بإنجاح المشاريع ، فلا يمكن التعول مثلا على بعض الوجوه الحكومية الكسولة الحالية القابعة على كرسي الإستوزار دون نتائج تذكر بل زادت من حدة خلق الأزمات داخل قطاعاتها ، كالتعليم ، والعدل ، والصحة ، والفلاحة ، والإقتصاد، والثقافة ، وووو ,,,, لايسع المجال للحديث عنها بإسهاب هنا ، وبالتالي بات في حكم المؤكد أن تغييرها إلزامي لاريب فيه ، كما أن قطاعات أخرى تتنتظر ضخ الدماء الجديدة ، في قطاع السلطة من ولاة وعمال ، والجانب الديبلوماسي موازاة مع الحركية النشيطة للسياسة الخارجية التي أبهرت العالم ، ومواجهة الخصوم الجدد على رأسهم فرنسا ، وتنزيل مجالس عليا أشار إليها دستور 2011، ومناقشة الميزانة على ضوء أزمات الجفاف ، وعلاء المحروقات ، وتداعيات جائحة كورونا ، وبات مؤكدا أيضا تعيين كتاب الدولة من العيار الثقيل ، ذاك التعيين الذي عرف بدوره تأخرا ملموسا لسد ثغرات أصبحت وبالا على بعض المؤسسات الحكومية .
وهنا ، يتضح جليا أن الحمل أصبح ثقيلا على رئيس الحكومة عزيز أخنوش ، وأن عدم الموافقة على لائحتيه المقدمتين زاد من شعوره بالإحراج أمام زعماء سياسيين من حلفائه كانوا في عداد الأغلبية ، _ البام والإستقلال نموذجا _ وأن لوائحه المرفوضة ، ستدفع الملك لممارسة حقوقه وسلطته الدستورية ، كما أن الأنظار والتكهنات تتجه إلى أن المجلس الوزاري سينعقد قبل 20 أكتوبر الجاري ، وهو موعد مناقشة مشروع قانون المالية بالبرلمان ، فالملك حريض كل الحرص على ضمان السير العادي للمؤسسات الدستورية للبلاد ، وبالتالي لم تعد تصريحات رئيس الحكومة السابقة و القائلة بأن الحكومة قوية ومنسجمة وضمان معارضة قوية قادرة على لعب دور الرقابة والإقتراح البناء ، كافية لمواجهة الواقع المعاش .

لايوجد بين القنافذ قنفد أملس ، ومع ذلك نامل أن تكون لائحة الأكفاء هي المرجحة ، ويبدأ التغيير من راس الحكومة ، وفتح المجال أمام الشباب للتجربة ، ووزراء لا علاقة لهم بطوطو أو المحروقات ، أو توجيه صفقات الحقن والتلقيح
نتمنى من الله و من جلالة الملك محمد السادس حفظه الله لنا جميعا مسلمين و يهود تعيين مولاي حفيظ العلمي وزيرا في هذا التعديل الحكومي المرتقب إن شاءالله تعالى