ONCF 970 x 250 VA

نواكشوط ،عاصمة الجمهورية الموريتانية

0

بقلم : لحسن الجيت

لفهم الخرجة الإعلامية التي جاءت على لسان السيد أحمد  الريسوني بخصوص التشكيك في كينونة الجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة واعتبار وجودها كان بمثابة ّغلطةأى أنها لا تستحق أن تكون دولة مستقلة  قائمة الذات وذات سيادة ، لفهم ذلك لابد من وضع تلك الخرجة في سياقها الزمني للوقوف علىنوايا صاحبها والأهداف التي أراد أن يصل إليها.

بداية يجب التذكير أن أقطابا من التيار الإسلامي وأحمد الريسوني واحد منهم، وآخرين من التيار القومجي جميعهم يلتقون على قاسم مشترك ينطلق من أجندة قوامها معاكسة مصالح المغرب ، وحلمهم أن يروه في يوم ما بلدا ضعيفا منهكا ليقدموا نفسهم على أنهم البديل أملا في أن يصلوا إلى مبتغاهم وأن يتمكنوا من جعل هذا البلد تابعا لمخططات خطيرة تقف من ورائها جماعات وتنظيمات  بل بما فيها دول تتربص بنا كمغرب وكمغاربة. فجماعة القومجيين والإسلاميين من أبناء جلدتنا لا يرون بعين الرضى ولا يعجبهم أي تقدم يحرزه المغرب. وكلما نجح هذا البلد الأمين في قطع أشواط تنقله إلى مصاف الدول التي لها شأن، كلما ارتفعت عندهم وتيرة التشويش والتآمر ضد هذا الوطن من خلال محاولات ترمي إلى الإيقاع بالمغرب في مطبات وأزمات مع محيطه الإقليمي والدولي.

وفي سياق هذا المخطط الخطير، كانت للسيد أحمد الريسوني قراءة تعكس استياءه وإحباطه من المنحى الإيجابي والتطورات المهمة في تحسين العلاقات ما بين المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانيةالشقيقة. ولأن الدبلوماسية المغربية أصبحت على درجة كبيرة من الفعالية لم يعد يهمها فقط تحقيق مكاسب على الصعيدين القاري والدولي بخصوص القضية الوطنية بل بات من صلب اهتمامها أيضا تعزيز حضورها الوازن على مستوى الشطرنج المغاربي لأنه هو الأساس وهو الأهم لمواجهة النظام الجزائري في لعبة استقطاب دول المنطقة لمحاصرة المغرب كما يحاول ذلك النظام من خلال عدة طرق مع موريتانيا الشقيقة سواء بالترهيب أو الترغيب.

ولذلك لم يكتف السيد أحمد الريسوني  بتصريحاتمشينة في حق موريتانيا الشقيقة بنية إيقاف وتيرة الانفراج بين البلدين الشقيقين وبالتالي إعادتهما إلى المربع الأول من انعدام الثقة، بل أراد السيد الريسونيأكثر من ذلك أن يصب مزيدا من الزيت على النار حينما دعا إلى تنظيم مسيرة أخرى نحو تيندوف وغيرها لاستعادة تلك الأراضي. ولا أفهم ما الذي حمل هذا المفكر إلى إطلاق دعوة من هذا القبيل ؟ وإذا كان لا يدرك تداعياتها أمام نظام لا هم له سوى أن يجتهد في افتعال الأباطيل والاكاذيب ليبقي على حالة التوتر مع المغرب، فإن الأمر خطير جدا والأخطر منه أن يكون على علم بردة فعل ذلك النظام مما يفتح الباب إلى التأويل الذي هو أقرب إلى اليقين بـأن القصد لا يخلو من نية مبيتة. فلا يعقل أن يزج ببلد في أتون حرب مع بلد معاد لا ينتظر سوى أتفه الأسباب. ومن جهة أخرى، فإن دعوة من هذاالقبيل قد تشوش كذلك على سياسة اليد الممدودة لتي يتمسك بها المغرب تجاه الجزائر، رغم تنكر هذه الأخيرة مؤخرا لالتزاماتها الواردة في اتفاقية 1972 بخصوص الاستغلال المشترك لمناجم الحديد في كارة اجبيلات .فهذا الذي كان ينبغي على السيد الريسوني أن يستوعبه قبل أن يخرج بتصريحات لا طائل من ورائها سوى عزل بلادنا عن محيطها المغاربي بما فيها موريتانية الشقيقة التي نعرف معها تحسنا في العلاقات.

ومن جهة أخرى، يحاول عبثا المدعو أحمد الريسوني أن يستغل بشيطنة لا مراء فيها الظرفية الدولية المشحونة من خلال أطماع بعض الدول في تغيير خارطة العالم بسياسات ترمي إلى محو دول من الوجود، أو كما تخطط له دول أخرى. هذه الرياح العاتية لا تعني المغرب في شيء وليس همه على الإطلاق أن يخلق بؤر توتر في المنطقة، بقدر ما يهمه خدمة ذلك الاستقرار القائم على التعاون لمصلحة شعوب المنطقة .

ولذلك ما ينبغي أن يدركه أشقاؤنا في الجمهورية الإسلامية الموريتانية أن موقف المغرب واضح ومعروف وموثق لدى الأمم المتحدة. ولسنا بحاجة إلى تأكيد ذلك كلما خرج شخص غير مسؤول بتصريح ينطوي علىنوايا مبيتة حتى نقدم لأشقائنا كل مرة شهادة حسن السلوك أو أن المغرب مازال على العهد. فمن المفترض أن نتجاوز فيما بيننا كدول قائمة الذات هذه الدسائس وأن نعتد بما يرد على لسان المسؤولين الرسميين. ومثلما هو التزام من جانب المغرب بالحفاظ على الشقيقة موريتانيا في سيادتها وحدودها الجغرافية وعدم المساس بأمنها واستقرارها، فينبغي أن يقابله كذلك التزام مماثل من جانب موريتانيا الشقيقة في كل ما يتعلق بانشغالات المغرب وقضاياه.

والواقع أن تصريحات السيد الريسوني لا تسيء في الحقيقة إلى موريتانيا فهي دولة ذات سيادة بحدودها المعترف بها دوليا وعاصمتها نواكشوط حيث هنالك سفير معتمد لديها أحب من أحب وكره من كره، وإنما تسيء  في واقع الأمر إلى المغرب بمحاولة يائسة للإيقاع بينه وبين جمهورية موريتانيا. فهي مؤامرة ضد المغرب بامتياز وهذا ما ينبغي أن يستحضره الأشقاء عوض البحث عن اعتدار عما يقوله السفهاء منا.فهم السفهاء الذين يتقاسمون الأدوار للتآمر على الوطن.فالوطن عصي عليهم وهم الخاسئون.  

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.