كاب24- متابعة
قالت صحيفة نيويورك تايمز إن حملة لطرد السكان الأصليين من المسلمين في ولاية آسام شمال شرقي الهند تعتبر أحدث حملة يشنها الحزب القومي الهندوسي الحاكم بهاراتيا جاناتا ضد مسلمي البلاد.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها أن مقاطع فيديو لأعمال عنف وحرق منازل للمسلمين بهذه الولاية صدمت الهنود، بعد أن انتشرت على نطاق واسع الشهر الماضي ولفتت انتباه العالم إلى حملة حكومية من عمليات الإخلاء القسري في هذه المنطقة المحاذية لبنغلاديش.
وقد برر مسؤولون بالحكومة المحلية هذه الممارسات بأنها استهداف لأعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من بنغلاديش والذين يقيمون على أراض ضرورية لمشاريع زراعية حيوية.
لكن مراجعة وثائق رسمية وعدة مقابلات أجرتها الصحيفة أظهرت أن العديد من السكان المطرودين هم في الحقيقة مواطنون شرعيون لهم الحق في العيش على الأراضي المملوكة للدولة، فيما يرى منتقدون للحكومة أن عمليات الإخلاء هذه جزء من حملة أوسع للحزب الحاكم ضد السكان المسلمين في عموم الهند.
ويقول سوابان كومار غوش، وهو نائب رئيس منظمة غير ربحية تعمل لصالح النازحين في آسام، “يريدون أن يعيش المسلمون مقهورين، تحت رحمة الهندوس”.
وتؤكد الصحيفة أن رئيس الوزراء ناريندرا مودي وحزبه الحاكم بهاراتيا جاناتا تمكنا من حشد قاعدتهما القومية الهندوسية جزئيا من خلال دعم المبادرات التي تضيق على أكثر من 200 مليون مسلم في البلاد وتضعهم في وضع لا يحسدون عليه.
ففي ديسمبر/كانون الأول 2019، أقرت الهند قانون الهجرة الذي يسرّع منح حق المواطنة للمهاجرين غير الشرعيين من البلدان المجاورة طالما كانوا هندوسا أو من أديان أخرى، باستثناء المسلمين.
كما ضغط قادة الأحزاب في عدد من الولايات الهندية من أجل تعديل القوانين لحظر تغيير الديانة عبر الزواج مستخدمين مصطلح “جهاد الحب”، في إشارة واضحة للفئة المستهدفة من هذا الإجراء.
لكن بعض أشد الإجراءات صرامة -تضيف الصحيفة- ركزت على ولاية آسام حيث يشكل المسلمون حوالي ثلث السكان، ففي صيف عام 2019 تركت مراجعة قانون المواطنة أكثر من مليوني شخص من سكان الولاية البالغ عددهم 33 مليون نسمة -معظمهم فقراء ومسلمون- بلا جنسية.
والآن تحت قيادة هيمانتا بيسوا سارما، الممثل الأول لرئيس الوزراء في الولاية، طردت الحكومة قسرا ما بين مئات وآلاف الأشخاص الذين تعرفهم السلطات على أنهم “أجانب مشتبه بهم”، وهم مجموعة تؤكد جماعات حقوق الإنسان وسكان محليون أنهم مسلمون في الغالب.
كما أعلنت الحكومة الهندية مؤخرا عن خطط لإعادة توزيع الأراضي في الولاية على السكان الأصليين، فيما يطالب قادة الحزب الحاكم بيسوا سارما أن يأمر بعمليات إخلاء قسري إضافية وبتشييد المزيد من المشاريع الزراعية على الأراضي غير المأهولة.
وقد نفى المسؤول المحلي أن تكون عمليات الإخلاء هذه معادية للمسلمين قائلا إنها تحظى “بتأييد الجماهير” في ولاية يعتبر كثير من سكانها أنفسهم آساميين لهم لغتهم وثقافتهم المميزة قبل كونهم هنودا، وكانوا يشعرون في فترات ماضية بغضب واستياء من الحكم الهندي مما فتح الباب لظهور حركة انفصالية بالمنطقة.
وبحسب تقرير الصحيفة الأميركية فقد شعر العديد من سكان الولاية الأصليين، مسلمين وهندوسا، بالقلق منذ فترة طويلة من فقدانهم هويتهم بسبب المهاجرين، وأغلبهم يأتون من بنغلاديش ويتحدثون اللغة البنغالية، مما أدى في الماضي إلى عمليات إخلاء قسري من أراضي الدولة لأشخاص يعتبرون أجانب.
وقد استغل حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم هذه التعقيدات اليوم بشكل وضع الهندوس في مواجهة مباشرة مع المسلمين، مستغلا في ذلك مخاوف الناس، وفق ما يؤكد المحامي من ولاية آسام، سانتانو بورثاكور.
ورغم أن عمليات الإخلاء القسري مستمرة منذ عقود في الولاية -تؤكد الصحيفة- فإن الصدامات التي شهدتها المنطقة في 23 سبتمبر/أيلول الماضي منحتها صدى وطنيا وعالميا.
فقد استخدمت قوات الأمن الهندية الهراوات لتفريق محتجين في دولبور غرب الولاية وتم استهداف قاصرين بشكل خاص، ورد المتظاهرون بإلقاء أعواد الخيزران على رجال الشرطة الذين لم يتوانوا عن إطلاق النار وأحرقوا منازل وهدموا مساجد ومدارس، كما أفاد شهود عيان وسكان محليون للصحيفة.